الجزيرة - بندر الايداء:
أكد الدكتور عبدالله الشعلان أستاذ كرسي الزامل لترشيد الكهرباء بجامعة الملك سعود أن منح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- شركة الكهرباء قرضا حسنا بـ50 مليار ريال جاء في الوقت المناسب لأن الشركة بحاجة لمواجهة التحديات الضاغطة كما أنها بحاجة إلى أموال واعتمادات مالية ضخمة لشراء مولدات جديدة بدلا من المولدات القديمة التي استنفدت عمرها التشغيلي وباتت عرضة للخروج من الخدمة كذلك تمويل مشروعات تتعلق بالتوسع لتغطية الأحمال المستقبلية المتزايدة كمد خطوط نقل وإنشاء محطات تحويل وبناء شبكات توزيع, إلى جانب الحاجة لربط مناطق المملكة بخطوط نقل وشبكات موحدة لتبادل الطاقة فيما بينها، كذلك تمهيداً للاندماج والربط الكهربائي مع دول مجلس التعاون وكذلك الربط المنتظر مع مصر.
وقال الدكتور عبدالله الشعلان لـ«الجزيرة» أن مساندة الدولة -وفقها الله- لشركة الكهرباء ومؤازرتها ووقوفها بجانبها لتجاوز تلك التحديات الضاغطة أمر متوقع سيما وأن الكهرباء ضرورة جوهرية تصل في قيمتها وأثرها إلى خدمات إنسانية ماسة وجليلة كالعلاج والأمن والمواصلات والتعليم. وأضاف: قدر لقطاع الكهرباء نظراً لأهميته في رفاهية المواطن وتقدم الصناعة وتحقيق أهداف التنمية أن ينعم بدعم سخي وأن يحظى بدفع قوي من قبل الدولة لفترة تنوف عن الأربعة عقود، أي إبان فترة بدأت في مطلع التسعينات الهجرية وحتى الآن حيث شهدت هذه الفترة نمواً متسارعاً وتطوراً متلاحقاً في كل القطاعات بما فيها قطاع الكهرباء أطلق على بداياتها في ذلك الحين فترة الطفرة، وبعد انحسار تلك الطفرة ووصول قطاع الكهرباء لمرحلة نمو متزن ارتأت الدولة أن توقف ذلك الدعم عن شركات الكهرباء في مناطق المملكة والمعروفة آنذاك بالشركات الموحدة حينما تبدى للدولة أن الوقت قد حان لأن تعتمد تلك الشركات على قدراتها الذاتية وأن تسخر إمكاناتها المتاحة سعياً نحو التكتل والاندماج (والذي تحققت أولى نتاجاته بميلاد الشركة السعودية للكهرباء في 1419هـ) وليكون إرهاصاً للتوجه نحو استقلالية قطاع الكهرباء تدريجياً والمضي قدماً نحو تحرير مكوناته (التوليد، النقل، التوزيع) ومن ثم تحقيق الخصخصة وجذب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستثمار فيه وشراء كافة أصوله وتمويل مشروعاته وإدارة مرافقه.
ولكن يبدو أن هذه الشركة الفتية في ظل الظروف التي تستجد وتطرأ تباعاً تواجه عقبات كبيرة وتجابه تحديات جمة تعترض مسيرتها وتبطئ من نموها وتعرقل تطورها أهمها فقدان السيولة وغياب الإمكانات المادية التي يمكن أن تعينها على تجاوز تلك العقبات والتحديات ومن ثم تصبح قادرة على تقديم خدمات لمشتركيها تكون عند حسن توقعاتهم وتنال رضاهم عن أدائها ومستوى خدماتها.. لذا فإن الدولة ربما ترى أن تعيد العصر الذهبي في دعم الشركة والوقوف إلى جانبها سيما، وأن لا تترك الشركة فريسة سهلة ولقمة سائغة في فم البنوك وقروضها لتقضي على مقدراتها وتبتلع مكاسبها.
وقال الشعلان: قامت شركة الكهرباء بتلبية وتغطية كافة الاحتياجات الكبيرة والمتنامية من الطلب على الطاقة الكهربائية الذي تراوح معدلاته إلى حوالي 10% في بعض مناطق ومدن المملكة. وفي إطار خططها للمحافظة على إمدادات الطاقة الكهربائية والسعي لسد الاحتياجات المستقبلية وتحسين الخدمات المقدمة لجميع المشتركين استطاعت الشركة أن تحقق منذ تأسيسها وبدئها لأعمالها في 5-4-2000م وحتى نهاية 2013م إنجازات متميزة منها أن قدرات التوليد زادت خلال تلك الفترة من 27 ألف ميجاواط إلى 50 ألف ميجاواط (أي بنسبة زيادة قدرها 85%)، كما أن الشركة عملت وما فتئت تعمل جاهدة على تزويد القرى والهجر والمناطق النائية بالكهرباء بالرغم من أن تقديم هذه الخدمة لهذه الأماكن غير مجد اقتصاديا لها.
وقد اعتمدت الشركة ما يربو عن ملياري ريال لمشروعات كهربة القرى والهجر للفترة من 2001م إلى 2013 م. وتابع الشعلان: تكبدت الشركة من جراء توفير تلك الخدمات تكاليف باهظة وخسائر كبيرة، كما أكدت ارتفاع الطاقة المشتراة من منتجين مستقلين لمجابهة الطلب المتزايد على الطاقة وزيادة مصاريف الاستهلاك نتيجة دخول مشروعات جديدة في الخدمة، كما تجاهد الشركة لتأمين السيولة اللازمة للوفاء بالطلب المتسارع على الكهرباء.
وتظهر العلاقة المتينة بين الشركة والحكومة على المستوى القانوني والتشغيلي والإستراتيجي عندما أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمنحها قرضاً حسناً بمبلغ 50 مليار ريال، مع استمرار الدولة بالتنازل عن حصتها في الأرباح، وسيمكن هذا القرض الشركة من الوفاء بالتزاماتها نحو مجاراة نمو الطلب المتسارع وتوفير الطاقة لجميع المشتركين على اختلاف فئاتهم.