مثل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع المملكة في القمة العربية الخامسة والعشرين التي عقدت في دولة الكويت, هذه القمة التي لم ترض عنها المملكة كون مقعد سوريا بقي فارغاً رغم أنه كان مشغولاً في قمة الدوحة بوفد الائتلاف!
أبان الأمير سلمان في كلمته هذا الخلل وهذا التراجع العربي من القضية السورية التي تقترب من عامها الرابع ويزداد التقتيل والتشريد لهذا الشعب العربي الذي خذله الغرب، وكان ينتظر نصرة أهله العرب ولكنهم بكل أسف لم يختلفوا عن الغرب كثيراً!
سعت المملكة بكل طاقتها ولكنها واجهت خذلانا عربيا مؤسفا.
يقول الأمير سلمان بن عبد العزيز عن هذا الوضع السوري المؤلم: (يأتي انعقاد هذه القمة بعد تعثر مؤتمر جنيف (2) في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية التي مضى عليها أكثر من 3 سنوات دفع ثمنها الشعب السوري دماءاً وأرواحاً ودماراً شاملاً عم كل أرجاء سورية التي تتحول تدريجياً إلى ساحة مفتوحة يمارس فيها كل صنوف القتل والتدمير على يد نظام جائر يساعده في ذلك أطراف خارجية وجماعات إرهابية مسلحة وفدت للساحة السورية من كل حدب وصوب، ويواجه كل هذه التحديات مقاومة سورية مشروعة خذلها المجتمع الدولي وتركها فريسة لقوى غاشمة حالت دون تحقيق طموحات شعب سورية النبيل في العيش بحرية وكرامة.. وقد ترتب على ذلك حصول كارثة إنسانية رهيبة أصابت ما يقارب من نصف سكان سورية ويتعرضون حالياً لمعاناة الهجرة والنزوح واللجوء.
إن الجهود المبذولة حتى الآن على صعيد التخفيف من المعاناة الإنسانية للسوريين بما في ذلك مؤتمرات المانحين وقرار مجلس الأمن رقم (2139) يمكن أن تحقق شيئاً من ذلك غير أن الخروج من المأزق السوري يتطلب تحقيق تغيير في ميزان القوى على الأرض ومنح الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ما يستحقونه من دعم ومساندة باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري إذ إننا نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانة الطبيعي في مقعد سورية، خاصة وأنه قد منح هذا الحق في قمة الدوحة من قبل القمة العربية ونأمل أن يتم تصحيح هذا الوضع.. إن اتخاذ القرار من شأنه أن يبعث برسالة قوية للمجتمع الدولي لكي يغير أسلوب تعامله مع الأزمة السورية).
وقفت المملكة مع الأشقاء في سوريا منذ اندلاع الأزمة ومارست دورها السياسي والاغاثي على أكمل وجه, فسعت في المحافل الدولية لإيجاد حل دبلوماسي لهذه القضية حقناً للدماء, وضحت في سبيل هذا ببعض العلاقات وبعض المصالح, ولكن بكل أسف لم تجد من العالم إلا تسويفاً يتبعه تسويف تراق بين هذا وذاك الدماء وتزهق الأرواح وتباد المدن.
وفي المجال الإغاثي مدت يد العون الرسمية والشعبية وهاهي جسور الإغاثة مستمرة حتى هذه اللحظة ناقلة الغذاء والدواء والمأوى.
لقد كان استياء المملكة من عدم تمكين الائتلاف من إشغال المقعد السوري واضحاً، سواء في كلمة سمو ولي العهد أو من خلال المؤتمر الوزاري الذي سبق القمة, ولكن معارضة بعض الدول العربية لذلك جعل من الجامعة العربية إبقاء مقعد سوريا فارغاً بكل أسف.
إن المملكة العربية السعودية عُرفت منذ الأزل بمنافحتها ووقوفها مع قضايا الأمة العربية والإسلامية, وحرصها الدائم على الأمن والاستقرار والر خاء للشعوب العربية كافة, ولو جاء هذا على حساب بعض مصالحها الدولية والإقليمية, ولعلنا نتذكر بأنها مؤسس لكثير من المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالسلام العالمي منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - ولا زالت تدعم أي عمل يحقق للعالم السلام والاستقرار.
وقفت المملكة العربية السعودية من القضية السورية، كما قلنا، منذ بداياتها وسعت في كل المحافل من أجل هؤلاء الأطفال والنسوة والشيوخ الذين تسبب النظام الظالم في إزهاق أرواحهم وتهديم بيوتهم وتيتيم أطفالهم وترميل نسائهم وما زال في عنجهيته وطغيانه بدعم كبير من طغاة آخرين يرون في زوال هذا النظام قتلا لأطماعهم وحد من نفوذهم العقائدي البغيض.
أسف المملكة العربية السعودية من موقف بعض الدول العربية من هذه القضية ومعارضتها أن يشغل الائتلاف مقعد سوريا في اجتماع القمة العربية كان واضحاً في كلمة سمو ولي العهد، كما أسلفنا وهذا التخاذل لن يزيد المملكة إلا إصراراً على المضي قدماً في نصرة الإخوة في سوريا الجريحة.
ما أود أن أؤكد عليه أن تخاذل العالم الغربي وبعض العرب لا يعني أننا في المملكة العربية السعودية سنقف ننتظر عونهم ومناصرتهم لمبادئنا، فنحن أصحاب رسالة مؤيدة من الله {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
أسأل الله أن يوفق قيادتنا لكل ما فيه نصرة للإسلام والمسلمين.