لا شك أن أي خلاف أو اختلاف بين دول الخليج الست يجد من يحتفل به ويفرح.
نحن في دول الخليج الست التي تظله مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ومن قبله تظلها العلاقات الأسرية المتشابكة من القدم وما زالت في ازدياد فله وحده المزيد من الحمد والشكر.
في فترات مختلفة حدث خلاف أو قل اختلاف في وجهات النظر بين بعضنا البعض لكنها ما تلبث أن تزول بحكمة كبارنا الذين نتعلم منهم يوماً بعد يوم ماذا تعني الأخوة وماذا تعني المصاهرة وماذا تعني وشائج القربي المختلفة، وقبل كل هذا وذاك ماذا تعني وحدة العقيدة التي نعتصم بها {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} ما زالت صور المحبة بين القادة الخليجيين راسخة في أذهاننا منذ أن كنا أطفالاً، ولعل كلمة الملك عبد العزيز رحمه الله عن الكويت -أوردها كمثال فقط - عندما حاول البعض زعزعة أمنها قال: ألا تعلمون أن الكويت سوق من أسواق العارض؟ في إشارة منه غفر الله له إلى عمقها الاستراتيجي وأهميتها بالنسبة للملكة العربية السعودية وللملك سعود - رحمه الله - مواقف مماثلة لمواقف والده مع جميع دول الخليج فهو من عرف بالحرص الشديد على وحدة هذه الدول والإمارات، وكان دائماً لا يتحدث عنها إلا حديثه عن أي منطقة من مناطق المملكة، وكذلك كان الملك فيصل وخالد وفهد وعندما نذكر الملك فهد نذكر عظمة هذا الرجل السياسي المحنك الذي سطر أعظم ما يمكن أن يكتبه التاريخ المعاصر بموقفه الحازم والسريع تجاه الغزو العراقي لدولة الكويت على الرغم من حساسية الأمر وخطورته، لكنه - رحمه الله - واصل ليله بنهاره من أجل هذا الجزء من الخليج وهو الذي كان بوسعه التسويف والتأجيل والمداهنة والمساومة، ولكنها المواقف التي تبين الرجال من أشباههم.
واليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - هذا الرجل الذي لا تعرف له لوناً غير لون واحد وهو الحرص على وحدة خليجنا بل الحرص على أمن أمتنا جمعا,الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي دعا إلى الانتقال من التعاون إلى الوحدة لهذه الدول الست، وقال : لقد آن الأوان أن ننتقل من التعاون للوحدة، قالها بنبرة الأب الحريص على مستقبل أبنائه.
أقول إن مسؤولية العقلاء وأهل الدراية بعواقب الأمور أن يعيدوا الضال إلى جادة الصواب فهو خير له وخير لأهله في كل أنحاء الخليج، وأن لا يتركوا الأمور حتى تخرج عن الطور وتحل الكارثة وتختلط الأوراق التي معها بكل تأكيد تختلط الدماء - ولا حول ولا قوة إلا بالله - دول الخليج الست هي في حقيقة الأمر دولة واحدة وإن تعددت الأسماء فنحن جسد واحد إذا اشتكى منه عضو سهر البقية الماً واستشفاء.
فرحة المتربصون منقضية سريعاً - بإذن لله - ما دام هناك رجل يقال له عبد الله بن عبد العزيز وعضده سلمان بن عبد العزيز وأخوة يتربعون على عروش دولنا الخليجية الأخرى، فلن يكون إلا الخير الذي ينادي به قائدنا ووالدنا في خليجنا الكبير عبد الله بن عبد العزيز، الرياض هي الكويت وهي الدوحة وهي المنامة كما هي مسقط وأبو ظبي، فلا نوم للرياض وأي من شقيقاتها تعيش حالة سهر أو قلق، ولعل ما حدث في الكويت كما أشرت وما يحدث في المنامة إلا دليل واضح على أننا هنا في المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تغمض لنا عين وغيرنا من دول خليجنا في سهر أونصب فنحن منهم وهم منا.
سحابة صيف سريعا ما تنجلي تلك التي سببتها أغبرة منبعثة من أرض قطر الحبيبة، سيكون للحكمة وبعد النظر كبير الأثر في انقشاعها لتعود الدوحة كما هي دوحة أهلنا الكرام، وعندها سيخسأ الخاسئون ويندحر المنافقون، ويولي أصحاب الفتن والأهواء كما يولي الشيطان عند سماع النداء.
والله المستعان