عند إطلاق برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي قبل عشر سنوات وإنشاء إدارة كاملة للابتعاث في الوزارة وتقوم هذه الإدارة بالإشراف على جميع أعمال الملحقيات الثقافية في الخارج ومتابعتها فيما يتعلّق بالموظفين الموفدين للعمل فيها أو المتعاقدين المحليين في كلِّ بلد؛ وذلك لتتمكن الملحقيات الثقافية من رعاية شؤون الطلاب المبتعثين الدراسية والماليَّة والاجتماعيَّة، والقيام بالدور الثقافي المناط بها للتعريف بالثقافة السعوديَّة ورموزها، وتوثيق علاقات التعاون العلمي والثقافي بين مؤسسات التَّعليم العالي في المملكة العربيَّة السعوديَّة ونظيراتها في الدَّولة مقر الملحقية، والترتيب للزيارات الرسمية ولبرامج الأساتذة والطلاب الزائرين.
ومن أهم الأعمال الموكلة للملحقيات الثقافية هي متابعة المبتعثين درأسيًّا واجتماعيًّا ويتركز أكثر الدارسين في الخارج في أمريكا إِذْ يوجد فيها أكثر من نصف المبتعثين موزعين على الولايات الخمسين.
لنتخيل هذا العدد من المبتعثين الذي يقدر بمائة ألف مبتعث ومبتعثة وكيفية الإشراف عليهم من قبل موظفين في مبنى في العاصمة الأمريكية واشنطن ويَتمُّ من خلاله إصدار ضمانات ماليَّة ومتابعة الحالة الدراسية لكل مبتعث ومبتعثة. فهذا العدد الكبير لم يؤثِّر بعمل ملحقية واشنطن بل العكس، فنرى النجاح الذي حققته الملحقية الثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية من إنشاء البوابة الإلكترونية التي وفرت على المبتعثين عناء السفر لمقر الملحقية لإنهاء المعاملات المتعلقة بالشؤون الدراسية إلى زيارة مسؤولي الملحقية المتتالية لأماكن وجود الطلبة لغرض السماع من المبتعثين عن قرب وحل أيّ مشكلة يواجهونها.
فزيارة الولايات الخمسين لمسؤول يتلقى آلاف المعاملات في مكتبة يوميًّا ليست بالأمر السهل ولكن المفاجأة تأتي عندما تصلك الإجابة سريعًا بالموافقة على طلب الزيارة من المسؤول الأول بالملحقية وذلك بالرد على استفسار تم رفعه من قبل طلبة إحدى الولايات الأمريكية عن إمكانية مقابلة الملحق لمناقشة الأمور الدراسية التي تؤرقهم، أنبهرت أكثر عندما وصلتنا الإجابة في اليوم التالي بأن الملحق الثقافي يطلب من المبتعثين أن يحددوا الوقت المناسب لهم. بعد أن تَمَّ إرسال تأكيد المكان والوقت وقرب موعد وصول الملحق الثقافي للالتقاء بالطلبة وفي مخيلة كل شخص أن الملحق محاط بسكرتارية ومشرفين وأنه سوف يسلك طريقًا لسيارة فارهه تنتظره بالخارج لكي تصطحبه إلى أفخم فندق في المدينة. المفاجأة تأتي عندما يحدث عكس ما في مخيلتنا تمامًا! سعدنا بشخص متواضع بسيط صاحب ابتسامة عريضة لا تفارق شفتيه، صدمنا من هول المفاجأة بأننا أمام الشخص الأول في بلد الابتعاث وهو في منتهى التواضع. أول كلمة قالها: أنتم أبنائي وبناتي وأنا هنا والدكم!! إنني أشكر من هذا المنبر ولاة الأمر لوضع المسؤول المناسب في المكان المناسب. شكرًا لسعادة الملحق الثقافي الأب في أمريكا الدكتور محمد بن عبد الله العيسى ونتمنى من جميع المسؤولين أن يحذو حذوه بالتواضع والابتسامة وتكون منهجهم لتعامل مع المواطنين والمقيمين جميعًا كما أمرنا سيد الخلق نبيَّنا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسَّلام.