زرت خلال الشهر الماضي مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا، واطلعت عن كثب على تلك المعاناة التي يعيشها الشعب السوري المغلوب على أمره، فالمأساة ليست قاصرة على صغير أو كبير بل معاناة يندى لها الجبين، أطفال مشردون وشيوخ ليس لهم - بعد الله - لا حول ولا قوة ونساء منهن من فقدَ ابنه أو زوجه.. مأساة تتجدد معهم كل يوم.. أدركت حينها مقولة: (ليس من رأى كمن سمع)، فلك أن تتخيل العيش في مخيم في ذروة البرد ولك أن تتخيل معنى العيش بعيداً عن بيتك وموطنك فلا طعم للحياة ولا طعم للعيش فيها.
ما خفف عني تلك اللحظات الحزينة عندما شاهدت تلك الجهود المبارك التي انطلقت مع صدور التوجيهات السامية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتأسيس الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا تحت إشراف صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، للعمل على تنظيم حملة لجمع التبرعات للأشقاء السوريين في جميع مناطق المملكة، وفق الضوابط والآليات في تقديم التبرعات العينية والنقدية، ووضع النظم والدراسات والخطط التي تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها بشكل مباشر، ولقد شاهدت تلك الجهود الموفقة التي تقوم بها الحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سوريا لتحقيق التكافل الاجتماعي من خلال العمل على إيصال التبرعات العينية والنقدية وتنفيذ البرامج الإغاثية والمشروعات الإنسانية للشعب السوري الشقيق، فمن برامج إيوائية إلى برامج غذائية وصحية واجتماعية، شاهدت تلك المصانع التي تعاقدت مع الحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سوريا لصناعة الملابس الشتوية للاجئين، وسرّني أكثر عندما عمدت الحملة للتعاون على توظيف بعض اللاجئين بتلك المصانع لاستغلال وقت فراغهم وتحقيق العائد المادي الذي يكفل لهم حياة العيش الكريمة.
ولا شك بأن حث الناس بكل فئاتهم على استشعار واجبهم تجاه إخوانهم المسلمين من خلال التبرع النقدي أو العيني وفق القنوات الرسمية النظامية والتي تمثلت ولله الحمد في بلدنا بالحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سوريا أمر مهم لنجاح تلك البرامج، فالعمل المؤسسي قائم على تحقيق المال أولاً ثم الكوادر البشرية المؤهلة، فالخطط التنفيذية الخلاّقة لتحقق الأهداف الإستراتيجية المرجوة بمشيئة الله والتي وجدت لتقديم العون للشعب السوري.
ليس كلمة مجاملة أو تزلُّف ولكن تلك الجهود التي سجلتها الحملة وبرامجها التي نفذتها والتي وصلت لأكثر من (550) مليون ريال خير شاهد على تأكيد دور المملكة العربية السعودية الإنساني - قيادة وشعباً - والذي يرتكز على القيم الإسلامية النبيلة والعادات والتقاليد الأصلية التي تفرض نفسها في كل زمان ومكان مهما اختلفت الظروف وتغيرت العصور، وتقديم العمل الإغاثي السعودي بما يتناسب مع الدور الريادي للمملكة وتصدرها العمل الإنساني على مستوى العالم والذي تميز بالعطاء بتجرد تام، وايصال المساعدات إلى مستحقيها مباشرة لتساهم في تخفيف حجم المأساة التي يعيشها الشعب السوري الشقيق والعمل على إيضاح متطلبات العمل الإغاثي للشعب السوري، فشكراً لكل فرد ساهم بالقليل ليتحقق ذلك النجاح الكبير ولنقف عوناً على مساعدة إخواننا ونصرتهم ونكون كمن قال عنهم الرسول صلى الله عليهم وسلم: (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمّى).. قد يقول قائلٌ منا: لا أملك المال للتبرع وأنا أقول له: ولكن نملك نشر ثقافة البر والتعاون على الخير من خلال نشر حسابات الحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سوريا، فالدال على الخير كفاعلة.. بقي أن أقول: شكراً للحملة على مبادرتنا لإطلاق التبرع من خلال الرسائل النصية بالرقم (5565) لجميع مشغلي الاتصالات بالمملكة.