الدمام - فايز المزروعي:
دعا أحد الخبراء إلى إنشاء شركة وطنية مستقلة عن شركة أرامكو السعودية، تختص بالاستفادة من الغاز المصاحب، الذي يتم هدره وإحراقه عند إنتاج النفط، وذلك في ظل تنامي الاستهلاك الكبير للطاقة محلياً.
وأوضح رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي لـ»الجزيرة» أن حرق بلايين من الأقدام المكعبة من الغاز يتسبب في تكبيد الاقتصاد الوطني خسائر فادحة، في ظل اعتماد المملكة شبه الكامل على الإيرادات النفطية التي تشكِّل أكثر من 92 في المئة من مجموع الإيرادات؛ إذ يتم إنتاج أكثر من تسعة ملايين برميل يومياً، وينتج مع ذلك غاز مصاحب لكل برميل واحد من النفط الخام، ينتج معه 600 قدم مكعب من الغاز المصاحب تقريباً، مع فارق ضئيل بين دولة وأخرى؛ لذا من الضروري السعي بشكل جدي إلى جمع هذا الغاز ومعالجته، والإسراع في التحول إلى اقتصاد قائم على الغاز الطبيعي، يكون رديفاً للنفط الذي تعتمد عليه المملكة في الوقت الحاضر.
وقال الدكتور أبانمي: «لإيضاح هذه المسألة المهمة جداً، فإن احتياطيات المملكة من الغاز كبيرة جداً، وتُعتبر رابع دولة في العالم، وإنتاج المملكة من الغاز يكفي لمدة طويلة، ويكفي الاستهلاك المحلي في حال استُغل الاستغلال الأمثل. فحجم الاحتياطيات لدينا في المملكة يُقدر بنحو 288 تريليون قدم مكعب؛ وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الرابعة عالميا في الاحتياطي. وللإيضاح أكثر، فإن الغاز يأتي على شكلَين: نوع مصاحب، وهو الذي يُنتج مع النفط الخام المستخرج. والنوع الثاني هو غير مصاحب، أي أنه يُنتج وحده. ونحو الثلثين من غاز المملكة (وبالتحديد 65 % منه) يقع ضمن ما يعرف بالغاز المصاحِب. أما الغاز غير المصاحب فإن المملكة تنتج منه وعلى أحسن تقدير 35 % من حقل (كاران) الذي يعتبر من أوائل حقول الغاز غير المصاحب المكتشف في العام 2006، وربما إذا تم تطويره فسيكون إنتاجه في أحسن تقدير ملياراً ونصف المليار قدم مكعب. كما أنه يوجد حقل (العربية)، ومن المخطط له أن يكون إنتاجه نحو المليار قدم مكعب في العقد القادم. كما أنه يوجد حقل (الحسبة) الذي من الممكن تطويره لإنتاج مليار قدم مكعب. ولكن معظم الغاز المصاحب في المملكة لم يتم الاستفادة منه على الوجه الأمثل، بل إن الكثير منه يُحرق حال فصله من الزيت الخام. ونظراً لأن معدل إنتاج المملكة من النفط الخام خلال عام 2013 بلغ نحو تسعة ملايين ونصف المليون برميل يومياً، كما جاء في البيانات الرسمية، وبما أن برميلاً واحداً من النفط الخام ينتج معه تلقائياً 600 قدم مكعب من الغاز المصاحب كمعدل، فإن هذه الأرقام تعطينا حجم الغاز المصاحب المنتج، وهي نسبة كبيرة جداً (9,5 مليون مضروبة في 600 قدم)، أي ما يساوي أكثر من نصف مليار قدم مكعب من الغاز، معظمه يتم التخلص منه عن طريق حرقه يومياً. ونظراً إلى أن بيع الغاز لشركات البتروكيماويات بتقدير ألف قدم بـ75 سنتاً، وعالمياً تُباع الكمية نفسها بـ3.75 دولار، فإن ذلك ساهم في زيادة الاستهلاك، وربما الهدر للغاز محلياً هذا من جانب. ومن جانب آخر، فإن ذلك السعر المنخفض محلياً له نتائج عكسية أخرى؛ كونه يجعل كلفة معالجة وتطوير وجمع الغاز المصاحب أعلى من سعر بيعه المنخفض محلياً بسبب الدعم، خاصة أن بعض كميات الغاز المصاحب في المملكة هي من نوع (الغاز المرّ)، أي بشوائب كيماوية، تتطلب استثمارات أكبر لمعالجته، وكلفة تطويره أعلى من سعر بيعه محلياً؛ ماجعل مستوى العائد والجدوى الاقتصادية بسبب فرض بيعه بسعر منخفض للبيع؛ ما يجعل أرامكو تقوم بعملية ما يعرف بـ Flaring (أي إحراق الغاز)؛ كونه أقل خسارة من معالجته ثم بيعه محلياً بالسعر المدعوم. وربما تكون هذه العملية مقبولة عندما ينتج الغاز المصاحب لإنتاج النفط في مناطق العالم التي لا يوجد لديها سوق قريبة للاستفادة من الغاز، أو التي تفتقر إلى البنية الأساسية اللازمة لجمع ومعالجة الغاز، ولا يجد القائمون على إنتاج النفط وسيلة للاستفادة منه إلا بالتخلص من هذا الغاز، وبإطلاق جزء كبير منه إلى الغلاف الجوي، ويسمى (منفس) أو غير مشتعل. والجزء الآخر يتم إشعاله، ويوصف بـ(محروق). أما نحن فلا يوجد أي مبرر لهدر مقدراتنا وثرواتنا وثروات أجيالنا القادمة؛ ويحب علينا وبأسرع وقت أن نحد من هدر الغاز وحرقه، وذلك بالاستثمار والتوسع في نظام التجميع والمعالجة. فإحراق الغاز ليس قضية بيئية تهم العالم فقط، بل اقتصادية وسياسية أيضاً، تهم المجتمع وثروات ومقدرات البلاد».
وبيَّن الدكتور أبانمي أنه وفقاً لإحصائيات البنك الدولي في تقريره الصادر في يونيو من عام 2012م، فإن المملكة من أكبر دول العالم إحراقاً للغاز، بل إنها من ضمن العشرة الأوائل بين دول العالم من حيث إحراق الغاز؛ إذ بلغ إحراقها للغاز عام 2011م نحو أربعة مليارات متر مكعب bcm؛ ما يعتبر هدراً كبيراً، حذر منه البنك الدولي في تقريره عن الدول المنتجة للنفط، المعني بالحد من هدر الغاز عند حرقه؛ إذ دعت الشراكة العالمية لتخفيض إحراق الغاز التابعة للبنك الدولي (GGFR) البلدان والشركات المنتجة للبترول في منطقة الشرق الأوسط إلى الانضمام إلى الجهود العالمية الرامية إلى الحد من حرق الغاز الطبيعي أو إحراقه، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، ليس فقط من مردوده الاقتصادي، بل إنه - ومن وجهة النظر الدولية - خطرٌ جسيم على البيئية؛ إذ دعت إلى التخفيف من حدة آثاره على تغيُّر المناخ.
ولفت إلى أنه وفقاً للتقرير ذاته فإن اشتعال أو حرق الغاز في الدول الرئيسة المصدرة للنفط يساهم كثيراً في التغيُّر المناخي، وأنه في حين تم تخفيض أكثر من 30 في المئة من احتراق الغاز منذ عام 2005 فإن قيمة ما يتم هدره اليوم لا يزال يصل إلى مئات المليارات دولار سنوياً؛ إذ تفيد تقديرات الشراكة العالمية لتخفيض إحراق الغاز (وهي عبارة عن شراكة بين القطاعين العام والخاص، تضم حكوماتٍ وشركات مملوكة للدولة وشركات البترول الدولية الرئيسة الملتزمة بتخفيض إحراق الغاز وتنفيسه في الهواء على مستوى العالم) بأنه يتم إحراق أو هدر ما لا يقل عن 150 مليار متر مكعب من الغاز في كل سنة على مستوى العالم؛ ما يضيف 400 مليون طن سنوياً من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وينتج نحو 400 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ويعادل ذلك تقريباً جميع تخفيضات الانبعاثات السنوية المحتملة من المشاريع التي يتم تنفيذها حالياً في إطار آليات بروتوكول كيوتو.
وذكر أبانمي أنه في المملكة تتراوح كمية حرق الغاز المصاحب بإنتاج النفط بين أربعة مليارات متر مكعب bcm إلى خمسة مليارات متر مكعب، وفقاً لارتفاع إنتاج المملكة من النفط؛ إذ إنه في الفترات التي يزداد فيها إنتاج النفط كما حدث خلال الأعوام الثلاثة الماضية فإن الغاز المصاحِب يزداد؛ كونه مصاحباً لإنتاج النفط. مؤكداً ضرورة العمل على وقف هذا الهدر لهذه النعمة الزائلة، التي متى ما استُغلت سيأتي - إضافة للعائد المالي الكبير للمملكة، الذي في حكم المعدوم حالياً - بالحدِّ من استهلاك النفط الخام الذي تتجاوز أسعاره أضعاف أسعار الغاز، الذي تستخدمه شركات الكهرباء والمياه وقوداً لتوليد الطاقة؛ إذ يتم حرق النفط الخام لتوليد الكهرباء؛ ما يعني هدر القيمة المضافة للنفط في حالة تكريره والاستفادة من مشتقاته. فلا بد من الإسراع في العمل على جمع الغاز المصاحب، الذي يتم حرق معظمه حالياً، والقيام بمعالجته واستخدامه لسد الحاجة المحلية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه نظراً لحاجتنا إلى الغاز كافة المنتج حالياً، وفي السنوات القليلة القادمة لسد احتياجاتنا المحلية، فما زلنا - ومنذ اليوم الأول لإنتاج النفط إلى هذا اليوم - نهدر هذه الثروة الغالية، ونحرق الكثير من الغاز المصاحب، ونلوث هواءنا. كما أننا نضحي يوماً بعد يوم بقدرتنا التصديرية للبترول مستقبلاً، التي تتضاءل نظير استخدامنا للبترول الخام الاستخدام غير الأمثل، وبأعلى معدل لاستهلاك الطاقة للفرد عالمياً؛ ما ينعكس سلباً على عائداتنا المالية من الصادرات، نظراً لأن مزيداً من إنتاج النفط الخام سيذهب إلى تلبية الاستهلاك المحلي؛ فلا بد من إعادة النظر في هذا الموضوع المهم جداً، وإيقاف إهدار ثروة عظيمة من الغاز الطبيعي، باعتبارها رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني، وكذلك تعرضها للهدر حرقاً في الوقت الحاضر، والعمل من أجل استغلال الغاز والاستفادة القصوى من الغاز المهدور، وذلك بجمعه ومعالجته، ولاسيما أن النفط الخام حالياً يستخدم وقوداً لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، وهذا مكلف جداً بالمقارنة باستخدام الغاز الذي هو في الحقيقة مهدور.
وقال: «إن استعمال الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية هو الأفضل بلا منازع مقارنة باستعمال النفط وقوداً؛ فكلفة توليد الوحدة الكهربائية كيلو واط - ساعة (kwh) في حالة الغاز أرخص من كلفتها عند استعمال النفط، بل إنها تنخفض الكلفة إلى ما دون النصف، خاصة إذا ما تم استعمال آلات الغاز ذات الدورة المركبة، التي هي أكثر كفاءة من آلات الغاز ذات الدورة المفتوحة، كما هي أكثر كفاءة من آلات البخار الذي يتولد بحرق النفط؛ وذلك لما للدورة المركبة لتلك الآلات من توليد الكهرباء مرتين، المرة الأولى عندما يحترق الغاز ويحرك الآلة الغازية تلك لتوليد الكهرباء، والمرة الثانية عندما يُستغل الغاز المحترق نفسه بعد أداء عمله في تحريك الآلة الغازية؛ لكي يولد بخاراً، يقوم بتحريك الآلة البخارية، وهذا بدوره يولد الكهرباء أيضاً. فالكلفة الرأسمالية (capital cost) والكلفة التشغيلية (operating cost) أقل بكثير في حالة محطة كهرباء غازية منها في حالة محطة كهرباء بالقدرة نفسها وتستعمل النفط الخام. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه بالنظر إلى برميل مكافئ من النفط وفقاً لمعيار مصلحة الموارد الداخلية NRS في الولايات المتحدة الأمريكية يتضح أن مكافئ برميل النفط يعادل = 5.8 × 10 6 (وحدة حرارية بريطانية). وذلك القدر يعتبر تقريباً لمقدار الطاقة؛ لأن النفط الخام أنواع، وتختلف في مقدار الطاقة الحرارية الناتجة من احتراقها. فباستخدام الوحدة الحرارية البريطانية لوصف كمية الحرارة (أو الطاقة) المخزونة في الوقود يتم معادلة كل مليون وحدة حرارية بريطانية (mmBTU) بالمتر المكعب من الغاز، وذلك باعتبار أن المتر المكعب يعطي طاقة حرارية مقدارها 40 ميجا جول. وبمعنى آخر، فإن البرميل الواحد من النفط يعادل (5.8 MMBtu). وتأسيساً على ذلك، وبما أن المملكة تستهلك أربعة ملايين برميل نفط مكافئ في اليوم محلياً، مكافئ برميل 5.8 × 106 وحدة حرارية بريطانية BTU تعادل 6.1178632 × 109 جول، أي نحو 6.1 جيجا جول لوقود ذي قيمة حرارية عالية HHV، فإن ذلك يترجم أن المملكة تستهلك نحو 22 تريليون ومائتين وخمسة بلايين وأربعمائة وواحد وستين مليون وحدة حرارية بريطانية (22205461 MMBtu). وبمقارنة بسيطة بين ميزة الغاز وسعره مقارنة بالزيت الخام، نرى أن التكلفة باهظة جداً إذا استخدمنا البترول الخام في توليد الكهرباء وتحلية المياه بدلاً من الغاز؛ إذ إن كل برميل نفط يحوي مبين خمسة ملايين إلى ستة ملايين بأحسن تقدير وحدة حرارية للقياس البريطانية؛ وذلك لأن (MMBtu 5.8 =boe) (برميل نفط =5.8 مليون وحدة حرارية). وبما أن سعر برميل النفط حالياً هو نحو 110 دولارات فإن التكلفة الفعلية من إحراق برميل من النفط الخام لإنتاج ستة ملايين وحدة حرارية للقياس البريطانية هو ناتج قسمة سعر البرميل على 6 (110/ 6)، الذي يبلغ 18 دولاراً لإنتاج مليون وحدة حرارية للقياس البريطانية من النفط الخام. بينما، وفي المقابل، فإن سعر المليون وحدة حرارية للقياس البريطانية ((MMBtu عالمياً من الغاز، ووفقاً لبلومبرغ بتداول لخيارات ناتجاس لشهر مارس، هو خمسة دولارات ونصف الدولار (5.47$) لكل مليون وحدة حرارية للقياس البريطانية ((MMBtu. أي أن إنتاج مليون وحدة حرارية باستخدام النفط الخام يكلف ثمانية عشر دولاراً (18 دولاراً)، بينما تكلفة المليون وحدة باستخدام الغاز هو خمسة دولارات ونصف الدولار (5.6 دولارات). وتأسيساً على ذلك فإن تكلفة استهلاكنا الحالي، الذي يبلغ أربعة ملايين من النفط المكافئ يومياً، يقرب من نصف مليار دولار يومياً، وذلك ناتج ضرب أربعة ملايين برميل في سعر البرميل حالياً، وهو مائة وعشرة دولارات للبرميل (4000000* 110$)، بينما لو تم استخدام الغاز لإنتاج السعرات الحرارية نفسها وهي (اثنان وعشرون تريليوناً ومائتان وخمسة بلايين وأربعمائة وواحد وستون مليون وحدة حرارية بريطانية (*22205461 MMBTU) فإن تلك التكلفة بالسعر العالمي لا تتجاوز 127 مليون دولار، أي أننا نوفر أكثر من 370 مليون دولار يومياً باستخدامنا الغاز. هذا إذا كانت حساباتنا في كلفة الوقود لتوليد الطاقة الكهربائية تنطبق على محطة كهربائية في أوروبا أو أمريكا نظراً لاستعمالنا أسعار النفط والغاز العالمية. أما في حالة المملكة فإن الحسابات ستكون أقل بكثير كون المملكة بلداً منتجاً للنفط والغاز، وبكلفة قليلة جداً قياساً بالأسعار العالمية. ففي المملكة يمكن اعتبار كلفة الغاز شبه معدومة؛ لأنه يتم إنتاجه بمصاحبة النفط، نظراً لأن النفط بذاته هو المراد إنتاجه، أي أن إنتاج الغاز يكون تلقائياً، وتبقى الكلفة الوحيدة التي يمكن أن يتحملها الغاز المصاحب هي كلفة المعالجة فقط.
أما كلفة النقل إلى محطة الكهرباء وتحلية المياه فهي نوعاً ما مساوية لكلفة نقل النفط ذاته إلى المحطة نفسها. وبمعنى آخر، فإن الكلفة الوحيدة للغاز هي كلفة المعالجة.
وأكد رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية أن الإسراع بتوفير الغاز وتوجيهه في توليد الطاقة الكهربائية وفي الصناعات البتروكيماوية، وكذلك الصناعة النفطية، سيساهم في توفير ما لا يقل عن 1.5 مليون برميل مكافئ يومياً، مقارنة بالخسائر التي تتكبدها المملكة نظير استخدام النفط الخام ومشتقات النفط في محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه بدلاً من الغاز؛ لذا يجب الاستفادة من الغاز محلياً.
وتأسيساً على ذلك، فإننا نناشد صناع القرار في المملكة إصدار قرار حاسم بمنع إهدار وإحراق الغاز المصاحب لإنتاج البترول للتخلص منه بسبب تكلفة معالجته، ووجوب العمل على الاستفادة الاقتصادية منه بالكامل حتى لو أنه يتطلب استثمارات كبيرة في الوقت الحالي، أو حتى إنشاء شركة مستقلة عن شركة أرامكو، تكون مختصة ومعنية بالغاز وجمعه، وإطلاق المبادرات والاستثمارات لتجميع الغاز ومعالجته وإمداداته، وإحلال الغاز محل النفط وحرقه لتوليد الكهرباء وتحلية المياه بدلاً من حرق الأخير، ثم العمل على تصدير النفط كون مردوده المالي هو الأعلى قياساً بسعر الغاز.
ويُستحسن في ذلك الاستعانة ببرامج ومعايير وأعمال شركاء برنامج الشراكة العالمية للحد من حرق الغاز للتغلب على العوائق في الانتفاع من الغاز المصاحب، ومن بينها تلك الأمور التي تركز على إضفاء الطابع التجاري على تسويق الغاز المصاحب لإنتاج النفط عن طريق التعريف بالاستخدامات المحتملة له، ووضع نظم ولوائح لحرق وإطلاق الغاز، واستخدام الغاز المصاحب لإنتاج النفط، وكذلك تطبيق المعيار العالمي للحد من حرق الغاز وإطلاقه، وبناء قدرات للحصول على اعتمادات الكربون من أجل مشاريع خفض حرق الغاز وإطلاقه.
وقال: «عندما ننظر إلى الشركات البتروكيماوية نجد أنها تحصل على الغاز بخمسة وسبعين سنتاً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وتستخدمه في نوع معين من الصناعات البسيطة لإنتاج المواد الأساسية البتروكيماوية، لكنها تبيع منتجاتها الأساسية على الشركات المحلية بالأسعار العالمية. فهنالك ضرورة لتقويم تلك الشركات وإلزامها بدفع السعر العالمي لقيم الغاز لتحقيق الاستخدام الأمثل، وتجنباً لزيادة الاستهلاك والهدر. كما أن من هذه الشركات ما تعتزم حالياً الاستثمار في الغاز الصخري في أمريكا؛ ما يدعونا للتساؤل: أليس من باب أولى أن تستثمر في معالجة غازنا المصاحب الذي يُحرق ويلوث بيئتنا، ويستنزف اقتصادنا؟».