رغم أن همهمة الغيبة تستشري في التجمعات المبنية على الغموض وإخفاء الحقائق أو جزء منها بذريعة الخصوصية أو الحماية.. إلا أنها تحد لا يخرج عن «صبيانية الفكر» والاستخفاف بالعقول.. وعندما ينزوي الوضوح والصدق.. فإن الشائعات والقيل والقال والنفاق تتصدر المجالس السرية والعلنية.. وتستطيع أن تلمس توتر الأمكنة وإن كانت صامتة.. فإن الإيماءات والنظرات لا تكف عن الغمز والهمز واللمز..ولأن الإنسان طبعه الفضول.. كيف لك أن تستفز غريزة ومن ثم تقاوم قوتها بشيء يشعلها أكثر؟! أي عبث هذا! كأنما تظن أن قولك لطفلٍ: اسكت.. كفيل أن يخرس أسئلته الكثيرة.. بالطبع لن أدعوك إلى نشر غسيلك أمام المارة.. إنما احمي منطقتك.. «بيتك أو إدارتك أو دولتك» ولا تخفي أمراً يحق للآخرين أن يعرفوه سواءً كان للعلم بالشيء أو للمشاركة بالرأي.. ولا تهمل أحداً.. فإن المهملين قنابل كامنة في الزوايا القصية.. يمكنها أن تنفجر متى ما بلغ الضغط منتهاه.
كذلك المزعجين حولك والذين يحاولون إخراجك عن مسارك.. فإنهم متشابهون في الهدف.. والاختلاف لديك أنت دون سواك.. وإن حاصروك بكثرتهم أو تمادت مشاكساتهم ومؤامراتهم.. فأظنك أحد اثنين لا ثالث لهما.. إما أنك ناجح ومميز وثقتك بنفسك ساحقة وتثير حسادك لأنها تسلط الأضواء على قصورهم.. وعلو همتك يعري قزامة تخاذلهم.. أو أنك «علّة» يمكنها أن تسبب للآخر جلطة فكرية أو إعاقة عاطفية.. ويصعب التعامل مع مزاجك الهلامي وأخلاقك الصلفة.. وأفكارك الأقرب إلى «قفلٍ» ضاع مفتاحه.
وبمناسبة الحديث عن بعض العلل على هيئة بشر.. فإن لبعضهم دواء إن تسلحت بقوة السلطة.. وبيان الحجة.. وكنت متيقظاً لتعنتهم المتخذ دون مبرر عدا المزاجية والغرور.. أما النوع الممنوع من الصرف وليس له محل من التعامل أو الصبر.. فليس لهم إلا «التهميش» كأنهم نسياً منسيا.. لا شيء يحد من تعاظم شرهم إلا نسيانهم.. هكذا هم.. نار إن لم تجد ما تحرقه.. أحرقت بعضها بعضا حتى تصير رماداً تذروه رياح التغيير وسنن الحياة.. حتى يتلاشى كأن لم يكن يوما شعلة تحرق ما تمر به.. دون أن تعرف لدمارها سبباً.. لذا لا تكن أنت وقودها.. دعها تقتل نفسها.. بانتحار لائق بوضاعة شغفها بالتدمير.
فبعض الشر دواؤه أن يترك مريضاً.. ليدفن نفسه وحيداً.