لم يكن تبرع ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ببناء عشرة مساجد، وبمبلغ مليون دولار لأوقاف المركز الإسلامي المالديفي، سوى سعي من السعودية؛ لإبقاء هوية تلك الجزر السُّنية؛ ولتلبية احتياجات المسلمين فيها في قطاع الشؤون الإسلامية، وتلبية لطلب من الرئيس عبدالله يمين عبدالقيوم، الذي يدرك خطر التغلغل الصفوي في بلاده.
كل ذلك؛ من أجل الحفاظ على وحدة، وتماسك النسيج الداخلي، وعدم السماح بتفتيته، أو اختراقه.
من الناحية الأيديولوجية، فإن المد الصفوي يعتبر صفة لأجندة سياسية إيرانية، باعتباره قائما على القومية الفارسية، إلا أن الاستعلاء القومي لولاية الفقيه، وتضارب المصالح بشتى صورها في مدرسة المرجعية الإيرانية، جعل من أوساط بعض الشيعة العرب المعتدلين، غير موالين لتلك الفكرة، كونها تعيق الاندماج نحو العمق العربي، كقناة للوحدة الإسلامية المنشودة.
في هذا الإطار، سنكون قادرين على مواجهة المد الصفوي، والحيلولة دون الحصول على مراده، شريطة أن تنشط المؤسسات الرسمية، وذلك وفق منظومة عمل متكاملة، قادرة على تغيير الموازين، من خلال خطة إستراتيجية شاملة على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية كافة، تعمل على متابعة التطورات السياسية الإيرانية، ورصد تدخلاتها في شؤون الدول الداخلية، خصوصا من الناحيتين السياسية والاجتماعية، والوقوف أمام تفكيك المجتمعات السنية، وتحويلها بعد ذلك إلى مناطق شيعية.
وحتى لا يكرر التاريخ نفسه بصورة مأساوية، فإن مواجهة المد الصفوي، هو من الأولويات التي يجب عدم الغفلة عنها، فالتهديد الديني ليس أقل خطرا من التهديد السياسي، التي يعمل عليها التبشير الرافضي، وسواء شئنا أم أبينا، فإن إيران تعمل على إسقاط الدول السنية، وإيجاد نفوذ سياسي لولاية الفقيه؛ من أجل تشكيل القومية الفارسية، والأيديولوجية الصفوية؛ لاستعادة مجد فارس القديم. وهذا ما جعل التحركات السعودية الأخيرة تجاه المالديف، تهدف إلى توطيد العلاقة مع المؤسسات المالديفية، وتعزيز برامج التواصل مع المسؤولين هناك، وتقديم الدعم السعودي عبر إقامة عدد من المشروعات التنموية.