يُصر الدكتور عبد الله الربيعة، وزير الصحة، على أن الحديث من خلال «المنتجات» التي تقدمها وزارته، أكثر إقناعاً للمواطنين من الظهور الإعلامي المركَّز، وإن كان مقتنعاً بأهميته، ومؤكداً على ممارسته بشكل متوافق مع متطلبات الرسالة الإعلامية، ففي النهاية، يبحث المواطن عن المنجزات المنفذة على أرض الواقع، وهو ما يَعتَقِد، أَنَّهُ اجتهد لتحقيقه خلال السنوات الماضية.
في «سكاكا»، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز، أمير منطقة الجوف، مستشفى الأمير متعب بن عبد العزيز، ومستشفى الملك عبد العزيز التخصصي، ومركزي طب الأسنان، وأمراض السكر، بتكلفة تفوق المليار ريال، إضافة إلى وضعه، من قبل، حجر الأساس لمشروع مدينة الأمير محمد بن عبد العزيز الطبية، التي تعتبر بحسب التصاميم والمخططات، من أجمل المدن الطبية وأكثرها كفاءة وتقدماً، وستوفر، في حال إنجازها، الرعاية الصحية المتخصصة لسكان الجوف والمناطق القريبة منها، وستسهم في تطوير المنطقة من خلال السياحة العلاجية
وجذب الاستثمارات المساندة لاحتياجات المدن الطبية، وفي مقدمها الإيواء، التعليم، الترفيه، والإسكان.
سعت الحكومة جاهدة لخلق مشروعات صحية متكاملة، تسهم في توفير الرعاية الشاملة والمتخصصة لسكان المنطقة، الذين عانوا من قبل، من ضعف الخدمات الطبية التخصصية، ما دفعهم للبحث عنها في الدول المجاورة. شراكة «الصحة» مع إمارة منطقة الجوف أثمرت عن إزالة المعوقات، وتهيئة ظروف النجاح، ومنها توفير الأراضي المناسبة لإقامة المشروعات المُدَشَّنة، والتي تم تعديل مواصفاتها وحجم استيعابها لضمان الجودة، الكفاءة التشغيلية، والسعة الاستيعابية.
في مدينة الأمير محمد بن عبد العزيز الطبية، تم مضاعفة مساحة المشروع من مليون متر مربع إلى مليونين، لضمان الحصول على مدينة طبية متكاملة، تتوفر فيها مقومات العلاج الشامل، والخدمات المساندة، وهو ما لم يكن ممكناً لولا تلبية الأمير فهد بن بدر لاحتياجات التوسع المقترحة من قبل «الصحة» والهادفة إلى استكمال مشروعات المساندة الخدمية والقادرة على جذب الكادر الطبي، والعاملين، من خلال توفير الخدمات المتكاملة، والبيئة الجاذبة، إضافة إلى توفيرها مراكز الإيواء لأسر المرضى القادمين من خارج المنطقة.
تشييد مراكز الإيواء، وتشغيلها وفق الرؤية التعاونية، ستوفر لأسر المرضى المضطرين للبقاء في سكاكا، أماكن متميزة للسكن الاقتصادي المدعوم، وربما المجاني لمن لا يستطيع تحمل الأجر، وهي خدمة ذات بُعد إنساني اجتماعي، أضافت تميزاً لمشروع المدينة الطبية.
بدأت وزارة الصحة مؤخراً في امتلاك «المنتجات» التي أشار لها الدكتور الربيعة، والأرقام الرسمية، تؤكد ذلك.. 75 مستشفى و824 مركزاً صحياً تم افتتاحها وتشغيلها خلال الخمس سنوات الماضية، وهناك ما يقرب من 40 مستشفى في طور الإنشاء، يُنتظر استلامها خلال عامين، بإذن الله.
توفير الأجهزة الحديثة، والتقنيات العالية والكادر الطبي المتخصص جزء من منظومة النجاح التي سعت الوزارة لتحقيقها. ابتعاث الأطباء والفنيين وتجهيزهم للعودة مع انتهاء العمل في مدينة الأمير محمد الطبية للمشاركة في تشغيلها جزء من التخطيط الإستراتيجي المثمر، في الوقت الذي يحقق فيه برنامج الابتعاث وتوظيف الأطباء والفنيين من منطقة الجوف هدف التوطين الحقيقي للوظائف، وتحقيق الاستفادة القصوى من مشروعات التنمية لسكان المنطقة.
عندما تخضع الرعاية الصحية لخطط إستراتيجية واضحة تأتي المخرجات متوافقة مع التوقعات.. قد تتسبب تراكمات الماضي، وطول الانتظار في الكثير من الانتقادات للوزارة، وهذا أمر متوقع ويمكن تفهمه، ففي النهاية يتوقع المواطن الحصول على الخدمة الصحية الجيدة، بعيداً عن الأعذار، إلا أن تفهم متطلبات مرحلة الإصلاح
والبناء قد يساعد في زيادة ثقة المواطنين بمشروعات المستقبل.
في الغالب، تحتاج القطاعات الصحية إلى وقت أطول في النمو والتطوير مقارنة بمشروعات القطاعات الأخرى، في الوقت الذي تحتاج فيه إعادة الهيكلة التنظيمية، وخلق المعايير، والسياسات إلى جهود مضاعفة لإنشاء القاعدة التنظيمية التي تؤسس عليها المشروعات الصحية، والممارسات الطبية، والعمل المنهجي.
أحسب أن لدى «الصحة» مُنتجات أخرى غير منظورة للعامة، ومنها ما يتعلق بالسياسات، والأنظمة والمعايير والخدمات الصحية الداعمة ومنها الرعاية المنزلية وشراء الخدمة من القطاع الخاص.
الإنجاز المحقق في مشروعات معايير الجودة، والبناء، والمواصفات العالمية المتماثلة مع المعايير المطبقة في دول الغرب توازي في أهميتها المخرجات المحسوسة، والمتمثلة في المدن الطبية والمستشفيات والمراكز الصحية.. فوضع المنهج العلمي لعمل الوزارة، في جميع شؤونها الطبية، المالية، الخدمية، الإدارية، والإنشائية، يمثّل قاعدة النجاح التي تضمن تحقيق متطلبات العمل المؤسسي المُستدام، الذي يُشكّل، في مجملة، الطريق المعبَّدة للوزير الحالي ومن جاء بعده من الوزراء.