تمثّل الصناعات التحويلية، الوسيطة والنهائية، الخيار الإستراتيجي الأول في المملكة، وأحسب أن هناك إستراتيجية وطنية صناعية حديثة تعتمد في أسسها على التوسع النوعي في الصناعات وبما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد، ويساعد على إكمال سلسة المنتجات محلياً.
قطاع الصناعات التحويلية، متى ما استثمر جيداً، يمكن أن يزيد من حجم الناتج المحلي الإجمالي، ويحقق نمواً كبيراً في حجم الصادرات السعودية، ويخلق فرصاً وظيفية متنوعة، وفرصاً استثمارية متجددة، إضافة إلى ما يحققه من زيادة الطلب المحلي على البتروكيماويات الأساسية التي يمكن أن يواجه بعضها ضعفاً في الطلب العالمي لأسباب مرتبطة بمتغيرات السوق.
تَبَني الهيئة الملكية للجبيل وينبع إقامة منتدى متخصص للصناعات التحويلية يسهم في تطوير الصناعة في المملكة بشكل عام، والصناعات التحويلية بشكل خاص، ويساعد في إيجاد فرص استثمارية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويدعم بشكل كبير الإستراتيجية الوطنية للصناعات التحويلية، التي تحتاج إلى كل جهد وخبرة وتقنية واستثمار. فالمعرفة أساس التقدم، والبناء والتطوير، في الوقت الذي يسهم فيه نقل التجارب والخبرات العملية من خلال المنتديات المتخصصة التي تجمع أصحاب العقول الفريدة، والتجارب الطموحة، بفتح آفاق المبادرات الصناعية، والاستثمارية، ومحاكاة قصص النجاح العالمية.
كتبت غير مرة عن قدرة الهيئة الملكية للجبيل وينبع الفائقة في «صناعة المؤتمرات» وطالبت أن تتوسع في هذه الصناعة، التي أثبتت التجارب السابقة، قدرتها على إدارتها بشكل لافت واحترافي، وتميزها في حشد المتحدثين والمشاركين، الذين زاد عددهم في منتدى «ينبع» على 450 خبيراً ومهتماً ومستثمراً في مجال الصناعات التحويلية.
وحظيت مدينة «ينبع الصناعية» بشرف استضافة «المنتدى السعودي الثالث للصناعات التحويلية» لهذا العام، وأحسب أنَّ تَنَقُّل المنتدى بين المدينتين الصناعيتين، الجبيل وينبع، يعطي زخماً أكبر وفرصاً تسويقية عادلة لهما، ومن يدري فلعلنا نشهد مستقبلاً، إقامة المنتدى في منطقة «رأس الخير» الصناعية، اللؤلؤة الثالثة في عقد المدن الصناعية التي تديرها بكفاءة واحترافية الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
إقامة المنتدى تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تعكس الاهتمام الكبير الذي يوليه، حفظه الله، لمستقبل الصناعة في المملكة، وحرصه على التوسع فيها بشكل علمي وإستراتيجي يفضي إلى تحقيق التنمية الصناعية، وجعلها المصدر الأهم للدخل مستقبلاً، وهو أمر ترجمه الحشد الحكومي والخاص الذي تمثّل في حضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وصاحب السمو الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ووزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي، ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبد اللطيف العثمان، ورئيس المؤسسة العامة للموانئ، المهندس عبد العزيز التويجري، والمهندس محمد الماضي، الرئيس التنفيذي لشركة سابك، وعدد كبير من المسئولين ورجال المال والأعمال.
وأشار الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان، في كلمته، إلى دور الهيئة المحوري في تطوير البنى التحتية وتجهيزها لجذب الاستثمارات بأنواعها، وأشار، بشكل خاص، إلى دور الصناعات التحويلية في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تنويع مصادر الدخل ودعم نمو المناطق وإيجاد فرص العمل وتقليل الاعتماد على النفط الخام.. وتوقفت عند إشارته إلى الصناعات التحويلية في قوله: «إذا كان قطاع الصناعة التحويلية يشكّل واحداً من أهم دعائم الاقتصاد فإن الإبداع والتفوق والابتكار في هذه الصناعة يُعتبر من أبرز أدوات التنافس مستقبلاً، مما يستوجب العمل ليس فقط في التوسع الكمي، بل في التوسع النوعي من خلال تكامل هذه الصناعات».
نحن أكثر حاجة إلى الإبداع والتركيز على التوسع النوعي التكاملي الذي يمكن من خلاله تحقيق التكامل النوعي للمنتجات.
يؤمن الأمير سعود بن ثنيان بوجود فرص عظيمة لتطوير قطاع صناعي متكامل يتناسب مع الإمكانيات والمقومات الاقتصادية المتاحة، ويؤكد بقوله، «وكما نجحنا سابقاً في بناء هذا الصرح من البنى التحتية والتجهيزات الأساسية، فإننا نؤمن أيضاً بأننا قادرون - بإذن الله - مع شركائنا على تحويل هذه الفرصة إلى حقيقة خلال فترة وجيزة».
أنا من المؤمنين، أيضاً، بقدرات الهيئة الملكية المتميزة في تحويل الفرص التنموية والاستثمارية إلى حقيقة على أرض الواقع.
أختم بالإشادة بكل من أسهم في تنظيم المنتدى، وفي مقدمهم الهيئة الملكية في ينبع، التي بذلت جهداً متميزاً لإنجاح فعالياته، والجنود المجهولون في التنظيم، وأشيد مرة أخرى بالتطور الكبير الذي أحدثته الهيئة الملكية في مدينة «ينبع الصناعية» وهو تطور أتمنى استنساخه في جميع مدن المملكة.. ونكمل - بإذن الله -.