صادق مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على انضمام جمهورية القرم ومدينة سيفاستوبول إلى روسيا خلال اجتماعه أمس بموسكو، فيما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أنه لا يجوز وصف عملية إعادة توحيد القرم مع روسيا بأنه ضم أراض بالقوة. وأن مزاعم الدول الغربية بشأن ضم القرم عسكرياً لروسيا تُعدُّ إهانة لسكان الجمهورية. وقال في كلمة أمام مجلس الاتحاد الروسي الجمعة «إن السلطات الأوكرانية لم تترك للقرم خياراً آخر سوى الانضمام لروسيا»، وإضاف: لم يكن بمقدور روسيا أن ترفض طلب شعوب القرم الشقيقة. وأبلغ لافروف أعضاء مجلس الاتحاد بأن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا اقتربت من تنسيق مشروع قرار بشأن نشر بعثة مراقبين في أوكرانيا. وشدد على أن هذا القرار لا يمكن أن يتضمن أي ذكر لجمهورية القرم. وقال: نتيجة إصرارنا بات مشروع القرار شبه جاهز. وهو يحدد العدد الأقصى للمراقبين الذين يمكن إرسالهم الى أوكرانيا، كما يشير الى المناطق حيث سيجري نشرهم فيها. والحديث يدور عن كييف ومناطق غرب أوكرانيا وجنوب شرق البلاد. ومن الطبيعي أنه لا يتضمن أي ذكر للقرم، ولا يمكن أن يتضمنه. وبشأن العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا قال لافروف: إنها تعد قراراً غير عقلاني وستؤدي الى إنشاء عقبات إضافية على طريق التعاون الدولي. وأردف قائلاً: إنهم يعرفون أن هذه العقوبات غير قانونية تماماً ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى إنشاء عوائق مصطنعة وغير ضرورية على طريق العلاقات الطبيعية بيننا.
بدوره ذكر غريغوري كاراسين نائب وزير الخارجية الروسي أن موسكو ما زالت منفتحة على التفاوض مع الغرب لتسوية الأزمة في أوكرانيا. وقال: لن نتوقف عن محاولات توضيح موقفنا وإيجاد سبل دبلوماسية للخروج من الأزمة والسعي إلى حل المسائل العالقة في جو من الشراكة. مشيراً الى أن وزير الخارجية لافروف ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى يخططون لعقد لقاءات مع شركائهم الأجانب بشأن أوكرانيا. وأعرب الدبلوماسي الروسي عن أمله في أن تتخلى السلطات الأوكرانية عن فكرة فرض تأشيرات على الروس الراغبين في الدخول الى أراضيها، مشيراً الى أن بلاده لن ترد بالمثل في الوقت الراهن. وبشأن نية كييف الخروج من رابطة الدول المستقلة التي تشكلت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي قال كاراسين: إن أوكرانيا ما زالت عضواً في الرابطة من وجهة النظر القانونية. وأعرب عن أسفه لرفض كييف اقتراح اللجنة التنفيذية للرابطة بشأن عقد لقاء في مينسك على مستوى نواب وزراء الخارجية. وكان وزير الخارجية الروسي قد ناقش مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس في مكالمة هاتفية الوضع في أوكرانيا وحولها، وذلك عقب تصريح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في ختام اجتماع زعماء دول الاتحاد الأوروبي لي في بروكسل أن على روسيا أن تدرك أن ذلك لا يمكن أن يستمر وعليها أن تختار طريق الحوار. ويطالب الغرب موسكو بالتراجع عن اعترافها بجمهورية القرم التي أعلنت استقلالها عن أوكرانيا ووقعت معاهدة الانضمام الى قوام روسيا. ودعا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو نظيره الأميركي تشاك هاغل خلال اتصال هاتفي إلى تقدير واقع النشاط العسكري الروسي في المناطق القريبة من الحدود الأوكرانية بموضوعية وعدم تصعيد الموقف. وتبادل شويغو وهاغل الآراء حول الوضع في القرم وفي أوكرانيا كما ناقشا سبل تخفيض التوتر في المنطقة بأسرها. وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن شويغو شرح لهاغل بالتفصيل الرؤية الروسية للوضع في شبه جزيرة القرم في ظروف الواقع الجديد.
كما لفت وزير الدفاع الروسي اهتمام نظيره الأميركي إلى مدى شفافية النشاط العسكري الروسي في المنطقة القريبة من الحدود الأوكرانية، وذلك في معرض تعليقه على تصريح لوزير الدفاع الأميركي عبّر خلاله عن القلق مما وصفه بتحشيد القوات المسلحة الروسية على الحدود مع أوكرانيا. وفي الوقت الذي وقّع فيه رئيس الوزراء الأوكراني الجديد ارسيني ياتسينيوك على معاهدة شراكة سياسية مع الاتحاد الأوروبي مرجئاً التوقيع على معاهدة الشراكة الاقتصادية الى وقت آخر بسبب خطرها على المنشآت الصناعية في البلاد، أعلن دميتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي إن أوكرانيا بعد انضمام القرم إلى روسيا لن تحصل على خصم في سعر الغاز الروسي المصدر إليها مقابل مرابطة أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول. وكانت الاتفاقية التي تقضي بتمديد وجود أسطول البحر الأسود الروسي في القرم مقابل خصم يقدر بـ 100 دولار من سعر الغاز المحدد وفق العقد لعام 2009 قد وقعت في مدينة خاركوف الأوكرانية من قبل الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش والرئيس الروسي آنذاك دميتري مدفيديف في نيسان عام 2010. ومع أخذ هذا الخصم بالاعتبار كانت أوكرانيا تدفع نحو 400 دولار لـ 1000 متر مكعب من الغاز في العالم الماضي. الى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها تدرس حالياً طلب أوكرانيا بشأن تقديمها مساعدات عسكرية غير فتاكة، مستبعداً تزويد الجيش الأوكراني بأسلحة.
وكانت مصادر أميركية قد ذكرت أثناء زيارة رئيس الوزراء الأوكراني المعين أرسيني ياتسينيوك الى واشنطن أن البنتاغون رفض طلباً من كييف بتزويدها بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر بالإضافة الى تقديمها معلومات استخباراتية. واكتفت وزارة الدفاع الأمريكية بالإعلان عن تزويد الجيش الأوكراني بحصص غذائية فقط. وكشف مسؤولون أمريكيون أن الطلب الأوكراني الذي ينظر فيه البنتاغون حالياً يتضمن بعض أنواع الأسلحة الخفيفة ومساعدات غير فتاكة وأدوية.