الفتح في الموسم الفائت، التهم وجبة دسمة جدا باكتساحه كل الفرق وتحقيق الدوري والتحلية بالسوبر.. لكنه عاد هذا الموسم وصام حد الهلاك وبات يصارع فقط من أجل لقيمات يقمن صلبه ويحفظنه من زلل قدميه صوب الدرجة الأولى!! والنصر هذا الموسم سار على نفس الطريق وجندل كل الخصوم، وسار بكامل سرعته صوب نهاية السباق وحقق بطولة ولي العهد ولكنه ترنح عند الأمتار الأخيرة من السباق وخرج من كأس الملك وتلقى ضربتين موجعتين في الدوري وكأس الملك، والأخيرة كانت كفيلة بخروجه من إحدى مراحل السباق.. وما حدث مع الفريقين سيناريو مشابه مرده افتقادهما (ثقافة البطولات) صحيح أن الفتح يفتقدها تماما بحكم عدم تحقيقه للبطولات في السابق ولكن النصر يفتقدها لبعده المطول عنها.. وعندما تريد أن تكون في القمة لا يكفي أن تحقق بطولة واحدة وينقطع نفسك بعدها وتنهار أو تركز جهدك كله في البداية وينفد عند خط النهاية!! وهذا ما نعنيه بثقافة البطولات هنا، التي تقوم على عوامل عدة مشتركة من إمكانات فنية ومادية ولوجستية.. تبدأ وتنتهي عند الإدارة التي يجب أن تكون على دراية تامة بقواعد اللعبة من التنبه إلى عزل اللاعبين والجهاز الفني عن كل ما يدور خارج الملعب من أحاديث ومناوشات إعلامية وتخديرات تتوج الفريق بطلا قبل النهاية، وهذا ما لم يحدث أبدا مع النصر، حيث انشغلت إدارته بالرد على أشياء بعضها أساسا لم يكن يعني النصر كالحديث عن التحكيم!! واستجابت للتخدير وبدأت تحتفل بفريقها الذي لم يتوج بعد وأهملت العمل الحقيقي والتخطيط العملي لصناعة البطل وراحت تعطي لاعبيها وجهازها الفني والجمهور إيحاء بأن تحقيق البطولات مسألة وقت فقط، وظهر هذا واضحا وانعكس سلبا على الفريق خصوصا في الدوري أمام الهلال عندما دخل الفريق وكأنه بطل متوج لا تفصله عن بطولته سوى تسعين دقيقة دشنتها جماهيره على المدرجات في (التيفو) الخاص بالمباراة!! والإدارة أيضا عليها مسؤولية تهيئة اللاعبين نفسيا وذهنيا وفكريا أيضا من حيث تذليل كل العقبات والضغوطات التي تواجههم وتسليمهم مستحقاتهم ورواتبهم وتحصينهم من الانزلاق في الثقة المفرطة بأنفسهم ومعرفة قدراتهم الفنية وحجم خصومهم ومنافسيهم وكيفية التعامل مع متغيرات وضغوطات المباريات وانتشالهم من وقع الخسارة بسرعة وتجهيزهم لما بعدها.. وهذا كله أيضا لم نشاهده، حيث كانت الإدارة النصراوية تتعامل بثقة غريبة وفوقية مع الخصوم وكأن الفريق لم يب أبدا عن البطولات وفي كل موسم يحقق الثلاثيات والرباعيات وهذا ما انعكس على اللاعبين وحتى على الجماهير التي أصبحت غير مستعدة لتقبل أي خسارة وتحدث الكثير من المشاكل في الملعب وخارجه بعدها!! واللاعبون صاروا يدخلون المباريات بثقة زائدة خانتهم أمام استفاقة الفرق، خصوصا أمام الهلال في المباراة الأخيرة التي دخلوا فيها وكأنهم يلعبون أمام أحد فرق الدرجة الأولى!!
لهذا تلقوا ضربة موجعة وقاسية.. ولم تحسن الإدارة في تهيئتهم نفسيا ومعنويا وفنيا بعد هذه الخسارة المحبطة لمباراة الشباب في كأس الملك وقامت بمنحهم إجازة تعتبر طويلة في ظل تقارب المنافسات!! تلقوا بعدها ضربة جديدة أكثر وجعا وألما من سابقتها!! أيضا لم تهتم الإدارة بتسليم اللاعبين مستحقاتهم ورواتبهم، وهذا بالتأكيد سيؤثر حتما على نفسيات وأداء اللاعبين في الملعب ومواصلة الجهد والنجاح.. أيضا لم توفق في التعاقد مع لاعبين أجانب ومحليين مميزين والمحافظة عليهم، حيث تعاقدت مع لاعبين محليين معمرين!! وأجانب غير مؤثرين.. ولم تستطع احتواء مشاكل اللاعبين، حيث تمرد عليها بعض اللاعبين الأجانب وأكملت الموسم دونهم ولم توفق في التعامل الاحترافي مع قضية الغامدي.. باختصار البطولات والاستمرار في القمة يحتاج إلى عمل وجهد متواصل ومال وذكاء إداري وتخطيط بعيد المدى وأجساد قوية ومرنة تتحمل الضربات وتملك القدرة والمرونة على القيام مجددا بعد التعثر.. ومن يجد أمامه سباقا طرقه معبدة وسهلة ومستقيمة يسير فيها بعالي سرعته نحو خط النهاية دون مضايقات ودون عراقيل في الطريق، يساعده في ذلك أيضا بعض الفتور عند منافسيه ووجود بعض المشكلات الفنية في مركباتهم.. سيصل.. ولكنه حتما لن يحافظ على الصدارة ولن يكون مؤهلا بعدها للدخول في سباقات أكثر سخونة ومنافسين أكثر شراسة وطرقا أكثر وعورة ومركبات أكثر سرعة.. وسيخرج مبكرا من حلبة السباق.