فترة زمنية رائعة قضيتها في حضرة سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان، وتوقعت وأنا أستمع إلى حديثه الموجّه لي بحضور العديد قيادات الهيئة، إنني أمام أُمة في رجل وكيف طموحه في بناء جسور مع شركاء النجاح ومع المجتمع عامة، وكيف همه في أن يوصل رسالة الهيئة إلى الناس بكل أعمارهم، وما يتمنى أن يعرفوه من الجهد الذي قامت به الهيئة بكل منسوبيها بدءاً من المجلس الأعلى لها الذي كان يرأسه الرمز الرائع للعطاء الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله -، وكيف أنّ الهيئة قامت في بدايتها بقرض حسن منه حتى صدرت لها أول ميزانية وهو أمر سيستغربه من لم يعرفه، وتميّزت الهيئة بالإيجابية التي يقودها رئيسها الذي ينحت في الصخر مع فريق العمل ليحققوا بصمات ثابتة لهذا الجهاز، وتأكيد تأثيره في الناتج المحلي، والثقة أنّ نمو وتطوّر هذا الهم الوطني هو هدف مؤكد التحقيق، ولا يحتاج إلاّ لصبر المواطن وسرعة دعم الحكومة، وكيف هو الآن وجميع منسوبي الهيئة يسعون لتعديل الثقافة المجتمعية عن السياحة وخططها، ليحوّلوها إلى صناعة وليست مفردات لغوية، يظنها الكثير أنها من باب التنظير والفلسفة وليس من باب الإثبات والفعل، وكنت في تلك الجلسة أشرد بذهني بين الحين والآخر، لأسأل نفسي عن المثالية التي أراها في حديثه والشمولية بكل جزئيات العمل اليومي، بل وبأدق تفاصيله والأحداث المرتبطة به، والحديث عن الناس كل الناس، أنهم أصحاب حق في مطالبهم، وإننا مكلفون بالعمل في السياحة لراحتهم وإدخال السرور عليهم وتحقيق طموحهم السياحي في بلدهم، وجعل هذا البلد مكان استقطاب سياحي وجذب تنموي للمستثمرين في مجال الترفيه والفندقة والاستجمام، مع إيمانه العميق بأهمية كل ما يطرح من مقترحات، بل إنها تدرس ويتم التعامل معها ومتابعة التنفيذ من خلال الاجتماع الأسبوعي، واللافت للنظر إنّ سموه يستخدم كل أدوات الاتصال في إدارة دفة السياحة والآثار من أي مكان في العالم، ولذا لم يغب طيلة ثلاثة عشر عاماً عن الهيئة الفتية، لأنه محب للإنجاز مبغض للتأخير في التنفيذ أو التأجيل للمهام والمسئوليات، ولا يرغب أن يمدح بما لا يفعل، وخرجت من مكتبه وأنا أحدث نفسي بوجود أكثر من سلطان بن سلمان، حتماً سنحقق الإنجازات بمدة أقصر وتكاليف أقل وبُعد تنموي ووطني أبعد وأكثر مثالية.
وتوقعت أنني قد انتهيت من المثالية بهذا اللقاء، ولكن وجدت أنّ في هيئة السياحة والآثار العشرات من سلطان بن سلمان، ووجدت أنّ ثمة نموذج إداري جديد يستحق الأمير سلطان أن يكون هو رائده وهو نموذج الإدارة بالحب، فوطنيته غير مزيفة وطموحه ليس شخصياً، وآماله أن يبني للأجيال ما يجعلهم يؤمنون أنّ الخطط التنموية السياحية كانت تضعهم في الاهتمام، مثلما كان يذكرهم قائد المسيرة في كل حديث، ولهذا فإن همه بتوطين عشرات الآلاف من الوظائف سيتحقق مع تلك الهمة الوطنية الصادقة، وأعجبت بما شاهدته فجميع منسوبي الهيئة يحبونه ويقتدون به ويخلصون له ويسعون أن يحققوا رؤيته في تلك المنظومة الرائعة والهيئة الشابة، التي نتوقع أن نشاهد عطاءاتها المثالية في وقت قصير، فهي لا تعرف البيروقراطية في تركيبتها الخاصة حتى وإن كانت تعاني من بيروقراطية الجهات الأخرى التي تعمل معها، ولا تستطيع الهيئة أن تحقق أياً من طموحاتها ومشاريعها إلا معها، هذا غير البيئة العملية المثالية التي رأيتها وعشت فيها، وكيف زرع الشعور بالمسئولية بأسمى معانيها وأجمل عباراتها في كل منسوبيها وذلك فضل الله عليه، وحقق درجات مثالية من الولاء ببرامج الرضاء الداخلي، ووضع صندوق للتكافل الاجتماعي لمنسوبي الهيئة.
ودعوتي الخاصة للإعلام بالمشاركة والتوأمة مع الهيئة بكافة وسائله وأدواته، لأنه شريك استراتيجي رائع ورافد تنموي هام جداً لا يمكن لأي نشاط أن يقوم بدون مساندته ودعمه وإبراز رسالته وإظهار عطاءاته والتطلع إلى تواصل متلازم من وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية المشاهدة والمسموعة مع الهيئة، لأنّ لديها مخرجات وعطاءات يتشرف بها الوطن والمواطن والكثير من المواطنين لا يعلمون عنها لأنّ وصولها لهم إما أن يكون سريعاً أو أنه يحتاج للتذكير به وإعادة لنشره، مع ثقتي أنّ الشراكة الإستراتيجية بين الهيئة ووسائل الإعلام في اتفاقية إستراتيجية ترعاها وزارة الإعلام، ستكون ذات قيمة وطنية خاصة وبعد تنموي غير مسبوق، مع التركيز فيها على المنجزات التي حصلت في السنوات الماضية، فهي عطاءات تستحق أن تبرز داخلياً ودولياً، وهذه الاتفاقية ستكون الأداة الأفضل للتغيير الثقافي عن التنمية السياحة وعن موجودات هذا الوطن الكريم للجذب السياحي، والشيء المفرح أنّ الهيئة تتعامل مع ملفها السياحي على أنها صناعة سياحية وان كانت فالمخرجات تأخذ وقتاً أطول من المعتاد لارتباطها مع جهات أخرى، ولهذا كانت الصورة على غير ما يتمناه المواطن أولاً وما لا يتوقعه الإيجابي سلطان بن سلمان.
ختاماً،, المواطن السعودي يقدر المنجزات ويعترف بالفضل لأهله ويتوق للتميز والتفرد، لكنه يرى أن غيره أفضل منه والواقع إن لديه الكثير مما يفتقده الكثيرون ولكن كيف تصله الرسالة المبرزة للإنجاز كي يفتخر بما تحقق له ويقتنع إلى القادم سيكون خيراً من الماضي، وسيشهد الزمان بفضائل المحسنين وإنجازات الإيجابيين وبصمات الوطنيين لهذا البلد الرائع بثقافته وعاداته وتقاليده وقيمه وموروثه القديم التي يجب المحافظة عليها، لأنها تمثل هويتنا الوطنية المتجددة.