اعترف عددٌ من مزارعي النخيل بممارسة السعودة الوهمية في مزارعهم بهدف التحايل على القوانين التي وضعتها وزارة العمل والبقاء ضمن النِّطاق الأخضر، بما يمكَّنهم من استخراج تأشيرات للعمالة الأجنبية، فيما أكَّد وكيل الوزارة للسياسات العماليَّة أنّه يتم التنسيق مع وزارة الداخليَّة لضم استخدام اسم مواطن دون علمه في السعودة الوهمية إلى جرائم التزوير.
جاء هذا الاعتراف خلال اللقاء الذي نظمه المركز الوطني للنخيل والتمور في الرياض مساء أمس الأول، بحضور وكيل وزارة العمل للسياسات العماليَّة أحمد بن صالح الحميدان.
وبرَّر المزارعون لجوؤهم إلى هذه الإجراءات المخالفة لقوانين العمل، لعدم توفر من يرغب العمل في هذا النشاط لأسباب عدَّة أهمها: بُعد المزارع عن النِّطاق العمراني المأهول، فضلاً عن حاجة العمل إلى قضاء وقت طويل مقارنة بأعمال أخرى أقل جهدًا وأكثر مردودًا.
وأضاف المزارعون: إن المشكلات المتراكمة خلال الخمسين سنة الماضية لا يمكن حلّها خلال يوم وليلة باتِّخاذ قرارات أضرت بهذا النشاط، مؤكِّدين أن وزارة العمل أوقفت عمل الجمعيات التعاونية الزراعيَّة بتأجير العمالة الموسمية، بحجة أن هذا النشاط أصبح واقعًا ضمن اختصاص شركات تأجير العمالة، الأمر الذي أدَّى إلى ارتفاع أسعار العمالة بسبب عدم وجود البديل.
وطالب المزارعون خلال اللقاء بمساواة عمالتهم الأجنبية بالعمالة المنزلية من حيث عدم إلزامية التأمين الطّبي، كونهم - بحسب المزارعين - يستفيدون من الرِّعاية الصحيَّة ويعالجون في المستشفيات الحكوميَّة كما الحال بالنسبة للعمالة المنزلية التي لا يلزم كفلاؤها بالتأمين الطّبي.
كما طالب المزارعون وزارة العمل بتخفيض نسبة السعودة بين 3 في المئة كحدٍّ أدنى و5 في المئة كحدٍّ أعلى، ومعاملة مصانع التمور كمعاملة المزارع، إضافة إلى استخدام الوسائل ذاتها التي تستخدمها وزارة التجارة في إرسال الأوراق والوثائق عن طريق شركة متخصصة وبمبلغ متفق عليه، بدلاً من إجبارهم على استخدام «واصل» البريد السعودي في كلِّ مزرعة، مما يزيد عليهم التكلفة.
من جهته قال وكيل وزارة العمل للسياسات العماليَّة أحمد الحميدان في معرض إجابته على مطالبات المزارعين: إن الوزارة تعتبر المجتمع شريكًا لها، مؤكِّدًا أن زيادة التكاليف ترتبط مباشرة بالنشاط والعائد منه.
ولفت إلى أن اعتماد سوق العمل على أقل التكاليف خلال الفترة الماضية هو ما أحدث الضرر في توازن السوق، فمن يستطيع أن يدفع للموظفين رواتب بأرقام تصل إلى 600 ألف ريال سنويًا، وحين يطلب منه مبلغ بسيط لتنظيم السوق والترشيد في استخدام العمالة يُعدُّ ذلك عبئًا عليه، فإنَّ هذا الأمر غير مقبول وغير منطقي.
وقال الحميدان: نحن السوق الوحيد المفتوح أمام أسواق العالم وكل بلد يحمي سوقه وهذا من حقه، فمنظمة التجارة العالميَّة تدخلت في كلِّ شيء، ما عدا الجوانب المتعلِّقة بالموارد البشرية، فأعطت الدول الحق في حماية أسواقها وتوظيف أبنائها وسنّ التشريعات والقوانين التي تحقق هذا الغرض وتتلاءم مع متطلبات واحتياجات سوق العمل. وأضاف الحميدان: وفي الوقت الذي نملك اقتصادًا قويًّا نضاهي به العالم، نجد أنّه لا يوجد لدينا في سوق العمل سوى 7 في المئة من أبناء الوطن بينما النسبة المتبقية للوافدين، وهذا أمر غير صحي ويدعو إلى القلق.
وتناول الحميدان في حديثه مسألة استعانة وزارة العمل بخدمة «واصل» من البريد السعودي، فقال: إن القضايا العماليَّة كانت تتراكم لدى وزارة العمل لمدد طويلة، بل إن بعض القضايا قد لا تحل على مدى 15 سنة، وأحيانًا لا نجد صاحب العمل أو المنشأة، لذلك فإنَّ «واصل» ضروري جدًا وصحي للسوق، إلى جانب أنّه أصبح ملزمًا لكل مواطن، إِذْ أصبح بيته هو عنوانه الوطني.
وفيما يتعلّق بالتوظيف الوهمي قال وكيل وزارة العمل: إن الوزارة تقسم السعودة الوهمية إلى ثلاثة أقسام: توظيف وهمي وهو استخدام اسم مواطن دون علمه وهنا يتم التنسيق مع وزارة الداخليَّة ليضم إلى جرائم التزوير، والقسم الثاني: توظيف مؤقت يستخدمه أصحاب المنشآت حتَّى يتم حصولهم على التأشيرات المطلوبة، ثمَّ يقومون بفصل موظفيهم، أما القسم الثالث فهو توظيف مقنن، وذلك بتوظيف مواطنين لا يعملون فعليًا، وهذه ليست مشكلة وزارة العمل بل على المجتمع أن يحارب مثل هذه الظاهرة لأنّها آفة ضارة وليست في مصلحة السوق ولها سلبيات كثيرة في المجتمع وتخلق أزمات بطالة مقنعة، وتنتج جيلاً اتكاليًا وغير مؤهل لخوض تجارب العمل.
وحول منع الجمعيات التعاونية من تأجير العمالة الموسمية ونقلها إلى شركات خاصة بتأجير العمالة، قال الحميدان: عانينا في السابق من سماسرة ودكاكين الاستقدام وأصحاب الشنط الذين أغرقوا سوق العمل السعودي بعمالة غير مؤهلة للعمل في هذا القطاع، لذا تَمّ إنشاء شركات وفق تنظيم معين وبرؤوس أموال تبلغ مائة مليون ريال، تحتفظ وزارة العمل بـ10 في المئة من رأس المال لحلِّ المشكلات العماليَّة إن وجدت، ومعالجة شكاوى المستفيدين.