خلال الشهر الماضي، صدر كتابي الجديد بعنوان «حزم البيانات الضخمة في العمل» Big Data @ Work. وبالتالي، رأيتُ متعة في المراهنة على ما ستفعله حزم البيانات الضخمة بقطاع نشر الكتب.
وفي كتابي، تحدّثت عن القطاعات «المحرومة» في مجال حزم البيانات الضخمة. وألفت في هذا السياق إلى أنّ عدداً من هذه القطاعات - بما يشمل مصانع السيارات وشركات المنتجات الاستهلاكية – يلجأ إلى وسطاء بينه وبين المستهلكين، وإلى أنّ دُور النشر تسلك الاتجاه ذاته، مع أنّ هذا الاتجاه بدأ يشهد تغيّراً. وتشير إحصاءات القطاع إلى أنه على الرغم من لجوء دُور النشر على الدوام إلى وسطاء بينها وبين عملائها، بات الوسطاء موجهين أكثر فأكثر من البيانات، وأصبحت «أمازون» و«غوغل» أكثر شركتين موجهتين من البيانات، علماً بأنّ «آبل» تعتمد على هذه البيانات المذكورة بصورة متزايدة على الدوام.
أما الخبر السار، فهو أن بيع الكتب عبر الإنترنت قد يكشف لك عن طبيعة المضمون الذي يقرأه الناس، بالمقارنة مع ما يمكن معرفته من بيع الكتب في المتاجر الفعلية. أما الخبر السيئ بالنسبة إلى دور النشر، فهو أنها ليست دوماً الطرف الذي يتمتع بنفاذ مباشر إلى هذا النوع من المعلومات. فهذا الدور أكثر ارتباطاً بوسطائهم الموجهين من البيانات، بما يشمل «أبل»، و«أمازون»، و«غوغل».
وتكثر المعلومات في قطاع النشر حول ما يباع وما يُقرأ، بيد أنّ قلّة ثمينة من هذه المعلومات موثّقة ببيانات. واليوم، يستطيع وسطاء على غرار «أمازون» إجراء التحليلات الضروريّة ومعرفة ما يريد الناس قراءته بالتحديد، وما إذا كان المضمون يأسرهم. وعليه، وإن حكمنا على النتائج غير المرضية التي حققتها «أمازون» حتى الآن على صعيد نشر مطبوعاتها، نرى أنّها لم تعمل بعد على تعميم هذه المعلومات داخلياً ولم تتصرف حيالها، ولكنها ستفعل.
وسيترك ذلك الناشرين التقليديين على الهامش، ما لم ينجحوا في استحداث قناة وصل مباشرة بالعميل، تخوّلهم جمع حزم بيانات ضخمة خاصّة بهم، علماً بأنّ الهدف الأولي لا يجب أن يتمثّل ببيع المضمون، بل باستخراج المعلومات وبتطوير ولاء لدى المستهلكين.
ويعني ذلك أن شركات النشر - غير المعروفة باستقطابها لحزم البيانات الضخمة - يجب أن تبدأ بتوظيف أشخاص مختلفين. وبالتالي، سيكون من الضروري أن تلقى قراراتها المتخذة في قسم التحرير توجيهاً أكبر من البيانات. وستضطر وسائل التواصل الاجتماعي إلى رصد المزاج العام، وإلى كشف البيانات التي تُظهر عدد المرّات التي نُقِر فيها على مضمون محدّد. وكذلك، سيكون على دُور النشر جمع ملاحظات تُظهر مواقع النجاح الفعلي، والجمع بين مجالَي تحليلات البيانات وإدارة المعرفة.
وبالمختصر المفيد، سيكون الناشرون بحاجة إلى إحداث تغييرات جذرية في سبيل تحقيق النجاح.