كأن الناس تتعلَّم الأبجدية في شؤون التعايش..، والمواطنة..، وحقوق الذين يتقاسمون معاً لقمة الرغيف..، وعذبة الإرواء في هذا الفضاء الذي يعم حركةً ناهضة..، تتنامى بسرعة في أرجاء البلاد..
فكل حركة تطوير يتنفس بها الواقع انفساحاً..، وعلواً..، وإضافة واضحة، مسموعة، مرئية، ومحسوسة.. هي واقع فعلي يمسك بالوطن في كفٍّ تخضه لتُخرج الخشاش الذي يكدر..، وتمده لترفع العماد الذي يثبت..!
الجميع يمرون بإيجابيات واضحة، ولعل أهم ما فيها هي الرغبة المعلنة عن تصحيح الأفعال بمحاربة الفساد الوظيفي، والإنتاجي، والتعاملي..
وهذه الهمة لن يكون لها إثمارها ما لم يبدأ كل فرد بإصلاح نفسه..، بتصحيح فعله..، بالقضاء على فساده المفرد..
بدءاً بتصحيح أسلوب تنشئته لوليده، ووصولاً لتصحيح تعليمه لتلميذه، ومن ثم تصحيح مسارات روافد ثقافته، ومعارفه، والتعامل معه في الساحة، وداخل السور، وتحت السقف،..
بكل صفات المكان، واختصاصه، وملكيته،..
في فضاء تحمله فيه طائرة، و في بحر تقله فيه سفينة..، وفي آماد تطويها به عربة، وحافلة..، وخلف جدار تلمه فيه حجرات..!.. على ظهر فرس، أو بغل، أو حمار..،
في مكتب عمل، أو مرعى ماشية، أو سباق هجن..، أو مضمار جري..
حيث يتنفس الفرد هواء المكان، ومُضمر الجِنان..، ومسرى الركبان..، وخلوة التفرُّد، ومأوى الطموحات..، والآمال عليه أن يطهرها مما يفسد على النفس، ونفوس الآخرين حياتهم..
هذا التصحيح هدفه استبدال السيئة بالحسنة،.. مؤونته العزيمة الصادقة نحو تطهير المجتمع كله في كل زواياه من محارق الفساد، وهشيمه، من المقعد الصغير يكفي لواحد..، للكبير يستوعب الأكثر..
تطهير المجتمع من الفساد الشامل، هو حياة الفرد من القلق البائد..
فأن تُباد التطلعات، وتحرق العزائم، وتكدَّر الأحلام، وتُطفأ شعلَ النور في الصدور، والعقول، إنما هو بفعل فساد الفرد تنشئة، وتربية، واحتواء، وإخلالاً بحقه، وبأداء واجبه معاً، فمن ثم يكون النتاج خسارة بفعل الغراسِ الخاوية..!
إنها المسؤولية، وهي مسؤولية عامة، وخاصة..
فمسؤولية تطهير المجتمع من الفساد تبدأ من كل الحدود والفضاءات، بكل الأفراد والفرد..، لتصب نتائجها لكل للجميع..
فليت كل فرد أن يضع نفسه في ميزان السؤال..؟!
وحده المرء من يعرف كل شيء عن نفسه..، فتقويم الذات للذات أنجع المسالك..، وأثمر المكتسبات..، حين يكون جلد الذات هدفه إصلاح فسادها، وتقويم مسارها..
فابدأ بنفسك تربت يداك..!!
تلك هي المواطنة الصحيحة في المسارات الواضحة التقية..، لأي مجتمع بشري ينشد من تطويره، ومن تغييره وجود الفرد ذي القيم..، الواعي بالحياة..، المدرك لشروطها..، المسائل نفسه: ما الذي صنع هو ذاته من أجل الحياة، حياته الخاصة..، وحياة من يشاركونه المكان، والهواء، والنظام، والمشرب، والمأكل..؟!
هي هذه مدرسة محمد بن عبدالله عليه الصلاة، والسلام، فلنحجز فيها مقاعدنا، ونأخذ فيها علومنا، ومعارفنا.، ونربي على نهجها أنفسنا...
نتطهرُ..، فنطهِّرُ..فتجملُ بنا الحياة،..
ويرقى بين البشر مجتمعنا..!!