أقتحم سبعة من رجال الأعمال السعوديين - وهم بالمناسبة من العيار الثقيل - قائمة فوربس لـ1000 ثري حول العالم, وبإجمالي ثروات تقدر بنحو 50 مليار دولار، أي ما يعادل 187.5 مليار ريال سعودي.
اللهم لا حسد ولا اعتراض، فالرازق في السماء والحاسد في الأرض، وعين الحسود فيها عود، لذلك لا نملك إلا أن ندعو لهم بالبركة وزيادة الأموال والأولاد، وأيضاً هو أمر مفرح لنا جميعاً أن يزداد عدد الأثرياء المحسنين بالذات ليعم الخير والرخاء كل الربوع، وزيادة الثروات لا شك دليل أكيد لا يقبل الجدل على متانة الاقتصاد الوطني، ومؤشر على حالة الاكتفاء والزيادة أيضاً المؤدية لتقوية التكافل الاجتماعي، وتكون أجمل وأحلى عندما يعم هذا الخير ليصل للفقير والمسكين وابن السبيل، خير كثيراً يكفيهم الحاجة والسؤال وليس فتاتاً لا يسد رمقاً ولا يكفي من مغبات التسول وقرع الأبواب والتعرض للنهر والزجر والمنة.
الأثرياء في بلادنا ليسوا سبعة فقط دخلوا التصنيف العالمي من أوسع أبوابه بل قل سبعين أو سبعمائة وربما آلاف بعضهم ربما أكثر ثراء من المدرجين في القائمة «الفوربسية» لكنهم يجمعون نقودهم بعيداً عن الضجيج وفي بيئات عمل شعبية، فرب صاحب دكان حقير أمواله بمئات الملايين لأنه يعرف كيف يسلك أقصر الطرق وأقلها مئونة للوصول للربح مثل «الديانة» وهم الذين يعملون في إقراض الأموال، ومثل هؤلاء يخرجون زكوات أموالهم في أماكن لا يعلم عنها أحد، وقد لا يخرجونها - الله أعلم - لأنهم يحبون المال حباً جماً لكنهم حتماً يشكلون قوى اقتصادية لا يستهان بها، وهي قوى قادرة على قلب كل المعادلات، وإدخال عائلات بأكملها ضمن الطبقات الوسطى بعد انتشالهم من الفقر والعوز، وبناء مستشفيات ومدارس ومراكز علاجية وتوظيف آلاف من الشباب وتزويجهم وفتح بيوت جديدة، ودعم جمعيات اجتماعية وخيرية وتطوعية. فقط لو دفع هؤلاء الزكاة وهي المقدرة بالمليارات أو التريليونات دون أن يدفعوا ريالاً واحداً زيادة على سبيل المعونة أو المساعدة أو الصدقة التي لا تدخل ضمن تقديرات الزكاة الواجبة شرعاً.
زرت جمعيات خيرية وتطوعية وإنسانية واجتماعية بدعوات تلقيتها من تلك الجمعيات ذات الأهداف الموجهة لخدمة الناس في مجالات طبية وتطويرية واجتماعية، وكان الحديث يدور حول ضعف ميزانياتها، وأن الدعم الحكومي لا يغطي رغم استمراريته، أما دعم رجال الأعمال فأقل بكثير من المأمول، وأن تلك الجمعيات لا تحصل على الدعم رغم ضآلته إلا بشق الأنفس وحب الرؤوس والخشوم بعد الشفاعات والواسطات وإرسال وفود على مستويات رفيعة، ورغم ذلك تأتي النتائج في حالات مخيبة للآمال ومحبطة للنفوس الخيرة رغم حاجة تلك المؤسسات وخصوصاً جمعيات البر، كونها تصرف تلك الأموال للأسر المحتاجة.
لدينا رجال أعمال برهم متواصل، وبعضهم فتحوا جمعيات إنسانية تحولت لمفخرة للوطن، لكن أين البقية؟ ومتى تسعد ملايينهم المحتاجين عبر مؤسسات لديها الخبرة في كيفية الوصول للمحتاجين خصوصاً أن الدولة لا تأخذ منهم أي ضرائب؟
أتمنى لو كان هناك قائمة تضم أفضل الأثرياء بذلاً وعطاءً كي يتسابق الجميع في مضمار الخير والإحسان.