كان الاتحاد السوفيتي قطباً قوياً في زمن مضى، وكان تحت لوائه عدد من الدول من ضمنها أوكرانيا، التي تعتبر من أكثر تلك البلدان أهمية، وعدد سكان، واتساع مساحة، كما أنها لصيقة بالحدود السوفيتية آنذاك، والروسية في الوقت الحاضروتشترك مع روسيا من الناحية اللغوية والثقافية في أجزاء كثيرة منها، وبها جزيرة القرم ذات الحكم الذاتي، والثقافة الروسية، والمرتبطة مع روسيا مائيا عبر جزر تكاد تجعلها متشابكه شأنها شأن الجانب الآخر من أوكرانيا.
بعد الخلاص من المرحلة السوفيتية أخذت في البحث عن هوية جديده شأنها شأن الدول الأخرى التي خلعت عباءة الاتحاد السوفيتي، منها التشيك، والسلوفاك، والمجر، وكازاخستان، وجورجيا، وقرقيزيا، وغيرها من الدول.
وعلى خلاف الدول الأوروبية الخالعة لعباءة الاتحاد السوفيتي السابق، ظلت أوكرانيا تتأرجح بين الشرق والغرب.
لكنها في الآونة الأخيرة، انقسمت إلى قسمين أحدهما مال إلى المغرب، والآخر إلى المشرق، وكان التأرجح وتبادل المراكز بين المؤيدين لكل اتجاه قد أخذ وقته، حتى جاءت فكرة التعاون مع الاتحاد الأوروبي من عدمه، فلم يقبل الرئيس الأوكراني بالأمر بعد ضغوط روسية، وتردد كبير، وبعد أن رفض ذلك الانضمام حدث ما حدث، وقام المؤيدون للاتفاقية بمظاهرات في العاصمة، والمناطق ذات الميل الغربي.
وحدث ما يعرفه الجميع من قيام البرلمان بخلع الرئيس الذي شد رحاله إلى جهة غير معلومة، وربما تكون روسيا
لم يكن ذلك الأمر مستساغاً من روسيا، وتدخلت عسكرياً مبررة ذلك بحماية مواطنيها، والدفاع عن مصالحها، وكان للغرب وعلى رأسه الاتحاد الأوروبي موقف آخر لا يتماشى مع تلك الإجراءات المتخذة من الجانب الروسي.
الكل يعرف ما جرى وسيعرف ما يجري ولكن ما نومئ إليه في هذه العجالة هو أن التكاتف الغربي لابد له أن يكون أقوى من أي قوة أخرى مهما عظمت، لاسيما أن النهج الذي يتبعه الغرب بالتوافق على المبادئ والذود عنها مهما كان الاختلاف في الطريقة، جعل النجاح حليفهم في أغلب الأحوال.
هذه النقطة الأساسية وهي الالتفاف حول المبادئ والتكاتف ونبذ الخلافات تجعل الجماعات والدول أكثر قوة ومنعه وحزماً وتبعد الكثير من المخاطر المحتملة التي قد تحاك من الغير.. إن أيّ تجمع إقليمي دولي لابد له أن يكون أكثر تمرساً في النظر بعين المنطق وبما يتماشى مع المبادئ، والالتفاف حولها مهما كان التباين في وجهات النظر كبيراً.
ومنطقتنا العربية في الوقت الحاضر تمر بمخاض كبير لابد أن يصاحبه الكثير من النتائج أيّاً كان نوعها، وحتى تكون إيجابية فلابد من تغليب المصالح العامة وترك المماحكات الجانبية.
إن وحدة الكلمة بغض النظر عن الثمن الجزئي المدفوع ستعمل على تقليل الخسائر للجميع، ولابد أن تكون المواقف جميعها ذات نفع، وقد تكون في أحيان أخرى أقل ضرر وهذه تعتبر نتيجة إيجابية كبيرة، وهذا ما يفعله الغرب.
إن الغرب لديه مصالح متناقضة في مناطق مختلفة، ووجهات نظر مختلفة لكنهم مع ذلك يجمعون على أقل الأضرار وأكثر الأمور نفعاً، فوحدة الكلمة هي الأجدر بأن تكون الطريق الوحيد الذي يجب التمسك به.
إن إظهار التماسك في المواقف حتى وإن كان بالكلمة سيجعل الآخرين ييأسون من فتح ثغرات للتنافر والتباعد بين أصحاب المبدأ الواحد والتاريخ الواحد، داعين الله أن يجمع الأمة على ميزان الحق والثبات عليه.