حين يتداخل أكثر من موضوع في قصيدة واحدة بحيث يصعب الفصل بين غرض وآخر تنتابك حيرة في وصف السياق الذي بموجبه يمكن تصنيف القصيدة وإلى أيّ غرض تنتمي؟!
في البدء اعترف أني أحد الشعراء الذين يتورطون - أحيانًا- في استكناه بوصلة القصيدة وتحديد الغرض المفترض إدراجها تحته، فقد أكتب قصيدة فيها من الغزل نكهة ومذاق ومن الذات أكثر من ملمح وقد يتوزع في بعض أبياتها الفخر وتتنفس الذات، بل ربَّما تجد في بعض أبياتها ما لا يمكن إدراجه تحت أيّ غرض شعري من الأغراض المعروفة المؤطرة للشعر والحادة من علو فضاءاته.
بعض الشعراء ولا أقول كلّّهم تنتابهم أحيانًا حالات كتابية تحلق بهم إلى سماوات من الإبداع لا يستطيعون معها وفيها التحكم بمقود القصيدة ولا الإمساك بزمامها فتأخذهم إلى فضاءات غريبة عليهم وغير مألوفة لقرائحهم بحيث يكتبون قصائد متمردة على السائد.. متشابكة الأغراض فيها الكثير من الشعر والدهشة والإبداع والجنون!
في اعتقادي أن هناك قصائد تتشكّل كقوس قزح فيها أكثر من غرض ولها أكثر من لون ونكهة وبرغم الضجيج والتضاد الذي يسكنها تأتي متناغمة مع بعضها مقنعة في محتواها زاخرة بالشعر والجمال والشاعرية أكثر من قصائد سجنت بغرض واحد وسارت وفق نسق مألوف وسائد.
وفي اعتقادي أن من صنفوا الشعر إلى أغراض محددة جاء تصنيفهم وفق معارفهم ومدركاتهم ولكن الشعر كما استشعره أكبر من هذه التصنيفات التي عفى عليها الزمن وقد تجاوزها كثير من الشعراء بمسافات كبيرة جدًا.
خطوة أخيرة:
لـ(متعب التركي):
من كنت بأول خامسة طفل صغير
كنت امتلي حزن وغموض وكآبة
كنت أشعر أني غير والمدرسة غير
هيمان في جوٍّ النَّبيّ والصحابة