الهجاء من منظور ديني وأخلاقي عادة سيئة ومذمومة وهو في الغالب سلاح رديء يلجأ له العاجز وضعيف الحجة.. وفي الشعر نجد الهجاء يتذيل الأغراض الشعرية لكونه غرضا مرفوضا من شرائح واسعة من المتلقين.. والهجاء الذي أعنيه وأتحدث عنه هو هجاء شاعر لشاعر مثله أو فئة لفئة لمجرد اختلاف في وجهة نظر أو تدافع لمصلحة دنيوية وما شابهها من الأمور التي لا تستدعي كل هذا الاحتدام والغضب، وليس هجاء أعداء الدين والوطن والقيم الجميلة الراسخة.
والهجاء، كما أراه غرض صوتي مثل الأشياء الفارغة تماما يحدث بعض الضجة والجلبة لكنه خاو من الداخل..كما أنه غرض يبتعد كثيرا عن أخلاق الفرسان وطبائع النبلاء.. وهو انعكاس لنفسية كاتبه ومرآة لقاموسه اللفظي وفكره ووعيه، كما أنه في الكثير من نماذجه يتقاطع مع الحكمة وسعة الصدر وسمو الأخلاق التي حث عليها ديننا الحنيف.
أغلب مسببات الهجاء تأتي نتيجة مواقف عابرة احتدم فيها النقاش وتباعدت وجهات النظر فصب الهاجي على المهجو جام غضبه وأفرغ شحنة انفعاله السلبي وفتح الباب لقاموس رديء من الألفاظ.. ولعل الكثيرين ممن كتبوا بهذا الغرض ندموا على الكثير من قصائدهم، وتمنوا أنهم لم يكتبوها وإحساسهم في الخطأ في الدنيا والتراجع عنه أمر يحمد لهم، أما في الآخرة فالله حسيب الجميع وهو أرحم الراحمين.
وفي الختام، أظن أن قاموس قصائد الهجاء رديء ومليء بالألفاظ والصور التي تخدش الذائقة وينفر منها الذوق السليم.. كما أنه بعيد عن رسالة الشعر التي تنشر الحب والجمال.
خطوة أخيرة:
لـ(محمد بن لعبون):
كل شي ٍ غير ربك والعمل
لو تزخرف لك مردّه للزوال