بعد الخسائر التي تعرضت لها الأندية الكبيرة في إنجلترا (تشيلسي، أرسنال، ومانشستر سيتي، ليفربول) خلال منافساتها في بطولة الدوري وكأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا في الأسبوع الماضي. اتفق «المدربين الأربعة» على أن لاعبيهم قدموا مستويات مميزة وأنهم لم يستحقوا تلك الخسائر، والطريف في الأمر أن ثلاثة من المدربين الأربعة اتفقوا على أن الخسائر جاءت بسبب أخطاء تحكيمية فادحة حرمتهم من تحقيق الفوز، وكأنهم يبحثون عن كبش فداء يلقون باللوم عليه لتخطي عثراتهم، ولتفادي هاجس هبوط المعنويات الذي قد يصيب اللاعبين مما يؤثر عليهم سلباً ومن ثم ينعكس على النتائج فيما تبقى من مباريات هامة قادمة.
مانويل بيليجريني الذي خسر فريقه (مانشستر سيتي) مواجهة برشلونة أمام أنصاره في ملعب الإتحاد ضمن منافسات دوري أبطال أوروبا وجه انتقاداته اللاذعه للحكم السويدي اريكسون وشكك في نزاهة التحكيم الأوروبي، وواصل المدرب التشيلي حريته في النقد خاصة وأنه لا يقع هذه المرة تحت مظلة الاتحاد الإنجليزي الذي يطبق العقوبات في وجه منتقدي الحكام ليستغل بذلك الحرية والمساحة الممنوحة له من قبل الاتحاد الأوروبي ليلقي باللائمة على حكم المباراة بعد أن أكد لوسائل الإعلام أن النزاهة والموضوعية غابت عن التحيكم في لقاء فريقه مع برشلونة مما تسبب في خسارته للقاء، وطالب بيليجريني من الجميع العودة لركلة الجزاء التي تحصل عليها ميسي وسجل من خلالها الهدف الأول، بالإضافة للطرد الذي تعرض له مدافع السيتي ديميكليس وأعتبرها هدية منحت الأفضلية لخصمه.
لم يكن هدف بيليجريني انتقادات الحكم بالفعل، وإنما ركز المدرب على عدم تشتت أذهان لاعبيه وحرص كل الحرص على عدم فقدانهم لثقتهم في أنفسهم وفي قوتهم كفريق ينافس على الفوز بلقب بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، واستخدم المدرب التشيلي كامل خبرته لتفادي هبوط معنويات لاعبيه حيث أن الخسارة في بطولة كبيرة مثل دوري الأبطال من شأنها أن تطيح بالفريق وتدخله في نفق مظلم يصعب الخروج منه.
أعجبني حقيقية اللاعب الايفواري المسلم يحيى توريه وهو يؤكد أن فريقه خسر مواجهة برشلونة ليس بسبب الحكم بل لأن برشلونة لازال هو الفريق الأفضل في العالم، وطالب توريه زملاءه ألا يتأثروا بالخسارة وأن الفوز بلقب الدوري الإنجليزي يعد هدفاً حقيقاً لا يجب التنازل عنه.
برندون رودجرز مدرب نادي ليفربول سبق بيليجريني في تصريحاته متبعاً نفس سياسته بعد أن خرج الريدز من بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي على يد أرسنال الأسبوع الماضي، وأعتبر رودجرز أن خسارة فريقه جاءت بسبب خطأ تحكيمي، ولم يتطرق المدرب الايرلندي الشمالي لإسم الحكم هاورد ويب أو يدخل في تفاصيل تحكيمية خوفاً من تطبيق العقوبة عليه من قبل الاتحاد الإنجليزي، وأكتفى رودجرز بقوله: «ركلة جزاء واضحة لم تحتسب لمصلحتنا مما تسبب في خسارتنا». في إشارة واضحة من المدرب للاعبيه بأنهم خرجوا بسبب الحكم وليس بسبب الأداء، وأن عليهم مواصلة اللعب بنفس الطريقة وتحقيق الفوز يوم الأحد في بطولة الدوري.
أرسين فينجر هو الأخر لم تختلف سياسته عن سابقيه، ولم يعتبر الخسارة أمام الفريق البافاري الرهيب جاءت بسبب إخفاق لاعبيه في تأدية مهامهم، بل جاءت بسبب ظروف خارجة عن إرادة المجموعة، والتي يأتي في مقدمتها طرد الحارس تشيزيني حيث يرى فينجر أن البطاقة الصفراء كانت كافية، وأن الطرد كان منعطفاً هاماً في قلب مجريات اللقاء الذي تفوق خلاله فريقه على ضيفه بايرن ميونخ وتحصل على ركلة جزاء أضاعها الدولي الألماني مسعود أوزيل، وحارب فينجر هبوط المعنويات الذي من شأنه القضاء على الأداء الجماعي للفريق وانتقد مسعود أوزيل بقوله أنه ظل يهز رأسه لمدة عشر دقائق بعد ضياع ركلة الجزاء وهو ما لا يريد أن يراه فينجر في قادم المباريات.
مورينهو كان فريداً في تعاطيه مع خسارة فريقه أمام مانشستر سيتي ومغادرته لكأس الاتحاد الإنجليزي الأسبوع الماضي حينما قال «السبيشل ون» أنه لا يشعر أبداً بمرارة الخسارة وأنه يتفادى ذلك بنسيان ما حدث والتطلع للعمل الجاد في أقرب المباريات لتسجيل الانتصار والاستمتاع بلذة الفوز، وأثبت مورينهو خلال الموسم الحالي أنه تطور بالفعل في تعاطيه مع وسائل الإعلام بعد أن نجح في استخدامها لانتقاد لاعبيه ورفع معنوياتهم ودفعهم لتقديم أفضل مالديهم دون اللجوء لسياسة التحفظ والتكتم التي تعود عليها العديد من مدربي وإدارات الأندية الكبيرة في أوروبا ونقل تلك المشاكل لغرف الملابس مما يستغرق وقتاً أكبر في حلها.
يتضح لنا أن المدربين الأربعة حرصوا كل الحرص على عدم الوقوع فريسة سهلة بين «فكي» هبوط المعنويات الذي قد يصيب لاعبيهم وبالتالي يؤثر على أداء فرقهم، وانتهج كلاً من بيليجريني ورودجرز وفينجر سياسة البحث عن مؤثرات خارجية تسببت في عثرات فرقهم، في حين أعتمد مورينهو على سياسته الصريحة والتي تقضي بتقبل الواقع وعدم الاستسلام لمرارة الخسارة والعمل بجد واجتهاد لتعويض ما فات بأسرع وقت ممكن.