السلفية في بلادنا ليست فكراً يعتنقه هذا ويتركه ذاك، وليست جماعة أو حزب أو تيار، فلا تخضع لمرشد ولا تحتاج إلى الزعيم. هي منهج رباني وإتباع وجداني، وإيمان عميق بما جاء على لسان الرسول الأمين والمعلم الأول وسيد الخلق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
ونقاء السلفية يأتي في إتباع الرسول ومن بعده الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان من السلف الصالح، دون ابتداع ولا اختلاق ولا تأويل يجلب مصالح دنيوية لهذا أو ذاك.
ومن النعم الكبيرة أننا نعرف معنى العقيدة جيداً، بفضل الله ثم بفضل العلماء الأجلاء، ولا يمكننا القبول بالتطرف في اليمين أو الشمال، والعقلانية تنافي التطرف، ونحن نعرف ذلك جيداً فسلفيتنا النقية ترفض تقديس البشر وجعلهم أوصياء أو وكلاء لرب العالمين في الأرض. والمنهج السلفي خاطب العقول قبل أي شيء آخر وجعل للعقل مكانة، ليميز ويتدبر ويتفكر، وفي إطار شرح السلفية ورؤيتها ومنهجيتها مقارنة بالأحزاب والتيارات تحدث معالي الشيخ الفاضل صالح بن حميد في ندوة ثرية على هامش البرنامج الثقافي للجنادرية حيث قال: «السلفية منهج قائم على تطبيق القرآن والسنة النبوية وليس جماعة، فلا يعني الانتماء إلى هذا المنهج الانتساب لفئة محددة أو أن يكون محصوراً بتصرفاتها وأعمالها»،
وذكر ابن حميد أن المنهج الصالح متى تبنته جماعة أو حركة فذلك مدعاة للاجتهاد نحو تحقيق منهج القرآن والسنة «فلا يمكن أن يحدد هذا المنهج بمسميات إقليمية أو شخصية حتى، ولا يمكن أن نطلق عليه صفات أو تسميات مرحلية مثل وهابية أو إخواني أو أصولي، أو حتى دولة بعينها كإيران أو باكستان ونحوه، بل نتحدث عن منهج السلف غير المحدد بمرحلة أو زمن».
وأكمل وصفه بالتأكيد على أن هذا المنهج لا يتقيد بشخوص أو حركات ولا يدعي تمثيله أحد.
ابن حميد وغيره من العلماء الكرام يبينون الحقيقة التي يحاول البعض تغييبها، من خلال مزاعم وأكاذيب لا أساس لها من الصحة، والسبب في ذلك لأن السلفية لا تقبل بالتفرقة والتحزب، وترفض الوصاية من أحد، ولا تقبل إلا بآيات الكتاب والسنة النبوية المطهرة، واجتهادات أهل العلم الراسخين، بعيداً عن حسابات السياسيين ومكرهم.
يجب أن لا نتجاهل خطر من يريدون ضرب العقيدة السليمة في قلوب وعقول السعوديين، فلا مجال للمزايدة على دولة تحكم بالشريعة بالفعل قبل القول، وهناك من يتربص بها ويحاول اختراقها من نقطة قوتها.
الدور الكبير يقع على عاتق الجهاز الإعلامي الرسمي الذي أشك في وعيه للخطر الذي يتهددنا، وكذلك على جهاز الدعوة والإرشاد من خلال أئمة المساجد والدعاة، فلا مجال اليوم لمجاملة كائن من كان، كما لا يمكننا السكوت على اختراق أصحاب الفكر المشوه لأجهزة حكومية لها علاقة مباشرة بتنميتنا، وباستقرارنا في الحاضر والمستقبل، ولا نريد لأبناء وطننا أن تستخدمهم التيارات الماكرة، للمتاجرة بدمائهم أو لاستنزاف أموالهم.
هذا المجتمع الطيب والمتدين، يجب أن تُحمى ثقافته، وأن يُحافظ على الوطنية فيه، وأن لا يتلاعب به أصحاب الأهواء في الجانبين، وأن يكون بين خيارات تُفقده هويته، أو تسلبه وسطيته، أو تعرّضه للضياع من أجل مصالح فئات لا يهمها دينها ولا تكترث لوطنها.