صرّح الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال استقباله 300 طالب من طلبة الجامعات والكليات الإسرائيلية ونشطاء سلام وسياسيين إسرائيليين في مقر الرئاسة بمدينة رام الله بأن الجهد من أجل السلام ليس رفاهية، إنما هو لبناء مستقبل متين قوي؛ ولذلك يجب ألا نضيع هذه الفرصة، وألا ندعها تضيع من بين أيدينا. وشدَّد الرئيس الفلسطيني على أن الشرعية الدولية هي الأساس في إحلال السلام، وهي التي يجب أن نبني عليها، وأن الدولة الفلسطينية ستقوم على أساس حدود عام 1967، وأن قضايا الوضع النهائي يجب أن تُحل حلاً مبنياً على الشرعية الدولية. وتابع الرئيس عباس: «إن أي سلام يجب أن يكون مبنياً على الشرعية الدولية التي أُنشئت إسرائيل على أساسها». وأضاف الرئيس الفلسطيني «إذا أرادت إسرائيل أن نعترف بيهودية الدولة فليذهبوا إلى الأمم المتحدة، وليطالبوا بقرار دولي ليغيروا اسم دولتهم». وقال الرئيس عباس: إن القدس الشرقية هي أرض محتلة عام 1967، ونريدها عاصمة لدولة فلسطين، ولكن لا نريد إعادة تقسيم القدس، فالقدس مفتوحة، وهذه هي بداية التعايش الحقيقي بين الشعبين. ولفت الرئيس الفلسطيني إلى أن القرار الذي حصلت عليه فلسطين في الأمم المتحدة يقول إن الأراضي التي احتُلت عام 1967 هي أراض فلسطينية، وإن القدس الشرقية هي عاصمة لدولة فلسطين، وهذا قرار أممي، يجب علينا أن نلتزم به.
وكان قد وصل أكثر من 300 طالب وناشط سياسي إسرائيلي إلى مقر الرئاسة في مدينة رام الله أمس الأول الأحد للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ ليسمعوا منه موقفاً واضحاً حول عملية السلام، وليوجهوا له الأسئلة والاستفسارات التي تقلق البعض منهم.
وظهر عدد كبير من هؤلاء الإسرائيليين يضعون على رؤوسهم «القلنسوات»، أي أنهم من التيار الديني اليميني، وعدد من المتدينين الحرديم الذين أرادوا - كما قالوا - أن يُسمعوا الرئيس عباس بشكل مباشر ودون واسطة الإعلام الإسرائيلي.
وعمّ الهدوء القاعة بشكل لافت، ولم يسمع سوى صوت الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يتحدث عن تصوره حول عملية السلام، ويقدم معلومات جديدة للإسرائيليين، ويبيّن زيف الدعاية الإسرائيلية فيما يتعلق بعملية المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين .
وتحدَّث الرئيس الفلسطيني بإسهاب عن عملية المفاوضات وعن العراقيل التي تضعها الحكومة الإسرائيلية، مؤكداً أن المفاوض الفلسطيني قدم الكثير من إنجاح عملية السلام، لكن كلما تقدم الجانب الفلسطيني باقتراحات تطالب إسرائيل بتنازلات فلسطينية دون أن تقدم أي شيء لإنجاح المفاوضات.
وعندما تحدث الرئيس الفلسطيني للطلبة الإسرائيليين عن أهمية السلام قوبل كلامه بالتصفيق الحار من الطلبة، وعندما أنهى كلمته وقفوا جميعاً له وهم يصفقون.
وخرج بعض الإسرائيليين من قاعة الاجتماع وكل واحد منهم أراد التقاط صورة له في مقر الرئاسة الفلسطينية؛ لأن أغلبيتهم يزورون رام الله للمرة الأولى.
وقال الطالب الإسرائيلي «براك جور»، وهو من تل أبيب، لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية: إن كلمة الرئيس عباس تعبر عن رغبة شديدة للسلام ولقاء الطرف الآخر. وأضاف: علينا إجراء مثل هذه اللقاءات بين الشعبين بشكل مكثف؛ ليتعرف كل منا على الآخر.
وبدوره قال الشاب الإسرائيلي «شلومو فايزر»، من المتدينين الحرديم: سمعت بشكل مباشر من الرئيس «أبو مازن» أنه يريد العيش بسلام إلى جانب إسرائيل. لقد وصلت إلى قناعة أن الرئيس عباس يريد السلام. وأنا أسمع من السياسيين الإسرائيليين أن الرئيس عباس لا يريد السلام.. اليوم أشعر بالغضب على قيادة إسرائيل؛ لأنها تضع العراقيل أمام عملية السلام.
من ناحيتها قالت الطالبة الجامعية الاسرائيلية «اريئيله» إنها فوجئت بخطاب الرئيس الفلسطيني الذي غيّر تفكيرها عن القيادة الفلسطينية، وقالت: نحن نستمع إلى ما يقوله قادة إسرائيل الذين حاولوا وصف الرئيس «أبو مازن» بأنه يريد تدمير إسرائيل، لكننا وجدنا إنساناً وقائداً يريد السلام، ليس فقط لأبناء شعبه، وإنما أيضاً لنا نحن الشبان في إسرائيل. أما الطالب الإسرائيلي «ألون سبير» من القدس المحتلة فقال بدوره: إن اللقاء مع الرئيس «أبو مازن» كان مميزاً وصريحاً، والانطباع الذي خرجت به أن هناك شريكاً جدياً للسلام.
وقال طلبة إسرائيليون آخرون: «إنهم سيحملون الرسالة التي استمعوا إليها إلى الشارع الإسرائيلي من أجل إقناعه بأن الشعب الفلسطيني يريد فعلاً السلام العادل.