بعيداً عن اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي، وضجيجها، وهاشتاقاتها التي استمرت لأيام، تلت حكاية مناقشة مجلس الشورى بيض الحبارى، كإحدى فقرات مناقشة موضوع حماية الحياة الفطرية، وبعيداً عن السخرية، والتفنن في السخرية، التي أبدعها مغردون في تويتر تعليقاً على حكاية البيض الذي نقلت أخباره بعض الصحف المحلية، فالأمر وراءه الكثير من السخط والانتقاد للمجلس، ولأعضائه الذين أصبح المواطن لا يثق بمعظم ما يناقشونه من موضوعات، بل يتهم البعض من المواطنين أن هؤلاء لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية، ولا يفكرون أبداً بهموم المواطن واحتياجاته.
ولعل تأجيل مناقشة بعض الموضوعات، وتلافيها أحياناً، كموضوع بدل السكن لموظفي الدولة، أسوة بموظفي القطاع الخاص، وغيرها من الموضوعات التي تتماس مع المواطن مباشرة، هو ما جعل هذا المواطن لا يعوِّل كثيراً على ما يجري فيه من مناقشات، وما يطرح فيه من موضوعات، رغم أن ذلك التعميم ليس محايداً، بمعنى أن ثمة موضوعات أقرها المجلس، واعتمدها مجلس الوزراء فيما بعد، لها أثر إيجابي ومباشر على المواطن، ولكن لأن النظرة العامة لهذا المجلس الذي يعتمد أعضاؤه بطريقة التعيين، لا بطريقة الانتخابات، يجعل معظم الناس المتابعين يشعرون أن هؤلاء الأعضاء لن يبحثوا عن رضا المواطن، وتحقيق آماله وتطلعاته!
الغريب أن كثيراً من جلسات المجلس تناقش التقارير المقدمة من الجهات الحكومية، تتضمن ما قامت به من خدمات ومنجزات، وكثيراً ما تتناقل الصحف في اليوم التالي، ما قام به أعضاء المجلس من «غسيل شراع» هذه الجهة أو تلك، بل والحدة التي يأتي بها هذا العضو أو ذاك، حتى نشعر أن هؤلاء أصبحوا نسخاً من داود الشريان، وهم «يجلدون» ضيفهم الذي يحمل تقرير جهته الحكومية بارتباك ووجل.
وما أن نقرأ هذه الأخبار في الصحف، والعناوين الصارخة، حتى نتنفس الصعداء، ونقول بأن المجلس يقوم بدوره على أكمل وجه، وأن موضوعات عابرة، كبيض الحبارى وما شابهها، هي من قبيل التقاط الأنفاس لهؤلاء الأعضاء المكافحين، ولكن لم نسأل يوماً، إذا كان المجلس يستلم تقارير الجهات الحكومية المختلفة، ويفتح معها مساءلة تشبه المحاكمة، فمتى يقدم المجلس تقريره السنوي، وما قام به من منجزات، الموضوعات التي أقرها، ومن ثم اعتمدها مجلس الوزراء، والموضوعات التي رفضها، ومبررات الرفض بشكل تفصيلي، والموضوعات التي رفض طرحها ومناقشتها في المجلس، ولماذا؟
فكما يناقش المجلس الجهات الحكومية، ويسائل تقاريرها السنوية، عليه هو أيضاً أن يخضع للمناقشة والمساءلة، كما أن عليه تقديم موضوعات اجتماعاته التي سيطرحها للنقاش خلال العام الجاري، بكل شفافية ووضوح، كي يستطيع المواطن أن يعرف هذه الموضوعات، وأن يتم منحه المشاركة في النقاش، إما بشكل مباشر، أو برفع قضاياه المرتبطة بموضوع النقاش، كي يتم التعامل مع حالات حيّة وواقعية!
فما تعرض له المجلس من حملة تويترية ساخرة وحانقة لمناقشة جزء صغير عن بيض الحبارى، لم يكن للموضوع ذاته، بل هو لشعور المواطن ويقينه بأن ما يقدمه المجلس من قرارات، لا تتناسب أبداً مع الأحلام والآمال المعقودة عليه!