عندما بدأ الاتحاد الروسي بالحديث عن الإرهاب في سوريا من هنا اقتنع الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بعدم وجود تغيير في الموقف الروسي حيال الأزمة السورية وأن الحديث عن الإرهاب في سوريا محاولة من قبل موسكو لخلق مرحلة جديدة في تاريخ الأزمة الدائرة في الأراضي السورية تجعل مسألة إسقاط النظام السوري آخر أولوياتها ومن هنا ألقت الولايات المتحدة الأمريكية بثقلها خلف الأزمة السياسية الأوكرانية وهذا ما تتم معرفته من خلال التصريحات الغربية المتكررة حول الأزمة الأوكرانية التي تأخذ في معظم أحيانها طابع التصعيد والشد على يد المعارضة وإلقاء اللوم على الحكومة الأوكرانية والدلالة على ذلك التهديد الذي وجهته واشنطن للحكومة الأوكرانية القاضي بعدم فرض حالة الطوارئ في محاولة لاستخدامها ورقة للضغط على الاتحاد الروسي لحلحلة موقفه من الصراع السوري، في محاولة لإنعاش الحل السياسي بصيغته الغربية خاصة بعد أن أفضت الجولة الأولى من مفاوضات مؤتمر جنيف 2 إلى تقليص فرص التسوية السياسية للنزاع السوري التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المعارضة الأوكرانية على هامش مؤتمر ميونيخ ليعلن عن وقوف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بجانب الشعب الأوكراني في معركته وهذه الخطوة تتم قراءتها بأنها تأتي على هيئة رسالة إلى موسكو مفادها أن واشنطن باتت تمتلك خيوط الأزمة الأوكرانية وهي قابلت للتصعيد إذا ما أبدت موسكو النية بالتخلي عن النظام السوري وقبلت بالحلول المطروحة على طاولة مؤتمر جنيف.
الاتحاد الروسي وفي ظل الأزمة المتصاعدة في الأراضي الأوكرانية أصبح اليوم على مفترق طرق، إما أن يتخلى عن النظام السوري ويفقد موقعه ومصالحه في الشرق الأوسط خاصة وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم لم تعد حليفاً له في ظل الاتفاق الغربي الإيراني الذي لم يأت بهدف تدمير البرنامج النووي الإيراني ومنع طهران من امتلاك السلاح النووي بقدر ما جاء لكي يمهد الطريق أمام تخلي إيران عن الشرق والعودة بها إلى أحضان الغرب كما كانت في عهد الشاه رضا بهلوي وإما أن تفقد موسكو حديقتها الخلفية ومداها الحيوي أوكرانيا وبذلك تكون مهددة بالفوضى في أي وقت ومن هذا وذاك ليس من المستبعد أن تفي روسيا بتهديدها القاضي بالتدخل في أوكرانيا للحفاظ على الأمن بعد أن فشلت اقتصادياً.
إذا كانت الأزمات التي حدثت ولا تزال في معظم دول الربيع العربي وخاصة الأزمة السورية قد جعلت من المواجهة ما بين واشنطن وموسكو عن طريق الوكالة فإن الأزمة السياسية الدائرة في الأراضي الأوكرانية ستجعل من المواجهة المباشرة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي قاب قوسين أو أدنى من ذلك خاصة بعد أن أعلنت واشنطن عن التزامها بإقامة منظومة الدرع الصاروخي في الاتحاد الأوروبي الذي تراه موسكو وعلى لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف بأنه موجه ضدها.