من الطبيعي أن يكون للقطاع الخاص رأيٌ مغاير لِما انتهى إليه مجلس الشورى عندما قرر الموافقة على تخفيض ساعات العمل في القطاع الخاص إلى 40 ساعة أسبوعياً، وبما لا يزيد على 8 ساعات يومياً، أي بما يجعل الإجازة الأسبوعية لموظفي القطاع الخاص يومين بدلاً من يوم واحد. فالقطاع الخاص ينظر إلى القرار من زاوية معينة وهي تأثيره المحتمل في رفع تكاليف الإنتاج وخفض الأرباح، على الأقل في المدى القصير.
أقول في المدى القصير لأن بعض الدراسات تشير إلى أن تخفيض ساعات العمل يحفز العامل ويزيد إنتاجيته مما يعوض منشآت القطاع الخاص عن ساعات العمل الطويلة التي كان العامل يقضيها في العمل.
يمكن أن يسوق القطاع الخاص عدداً كبيراً من الأسباب التي يبرر بها معارضته لتخفيض ساعات العمل، لكن الحقيقة التي يجب أن نتذكرها هي أن معظم دول العالم الأعضاء في منظمة العمل الدولية أدركت أهمية منح العامل إجازة كافية تساعده على استعادة لياقته والاهتمام بصحته وشؤون أسرته وعلاقاته الاجتماعية. وطالما أننا جزء من هذا العالم، ونتمتع بعضوية منظمة العمل الدولية، وعضوية مجموعة العشرين وهي المجموعة التي تمثل أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، فإننا ينبغي أن نتصرف بما يتلاءم مع ذلك.
ولكن الأهم من هذا هو أن تخفيض ساعات العمل في القطاع الخاص سوف يزيد من إقبال شبابنا على العمل في هذا القطاع وتضييق الفجوة بين موظفي القطاع الخاص وموظفي القطاع الحكومي. فمن المعروف أن أحد أهم أسباب عزوف شبابنا عن العمل في القطاع الخاص هو طول ساعات العمل وقِصَر الإجازة الأسبوعية وذلك بالمقارنة مع القطاع الحكومي. من المفهوم ـ بالطبع ـ أن سوق العمل السعودي يضم ملايين العمالة الوافدة، لكن الإجازة وساعات الراحة هي حق إنساني لكل عامل، وهي من محفزات زيادة الإنتاجية.
تاريخياً، كان القطاع الخاص في كل أنحاء العالم يقف ضد أي مكتسبات تحققها الطبقة العاملة. وقد كانت التهمة التي توجه في السابق إلى كل من يطالب بإنصاف هذه الطبقة هي أنه «شيوعي» وذلك لإرهاب وتخويف المفكرين ذوي النزعة الإنسانية حتى ممن ليست لهم أي ميول شيوعية أو يسارية. لكن العالم تغير بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، فالشيوعية لم تعد هي البعبع الذي ضخمته الحقبة «المكارثية» في الولايات المتحدة، ولم يعد هناك من يؤمن بأن للشيوعية أي أمل في العودة إلى الساحة، هذا فضلاً عن أن الأحزاب العمالية هي أحزاب حاكمة في بعض الدول الرأسمالية.
أعتقد أن قرار مجلس الشورى صائب، وهو خطوة مهمة لتحفيز شبابنا للعمل في القطاع الخاص والقضاء على البطالة، وخاصة أن القطاع الخاص هو المكان الذي يؤمل الوطن أن يستقطب الشباب بعد أن تضخم القطاع الحكومي وتدنت إنتاجيته وصارت البطالة المُقَنَّعَة واحدة من سماته الأساسية.