جاءت إلى الرياض بعثة تجارية نسائية سويدية واجتمعت نساءُ الأعمال السويديات والسعوديات فكان مما تم مناقشته بين الطرفين -وقيل: مما تم الاتفاق بشأنه بينهما- هو إيجاد فرص عمل للنساء السعوديات في السويد!
وقبل أن تنعقد الحواجب بالدهشة وتذهب الظنون بعيداً ببعض أصدقائنا قراء هذا المقال يجب التوضيح أن «العمل» المقصود هنا هو «العمل عن بُعد»، أي أن المرأة السعودية التي تعيش في الرياض -على سبيل المثال- تمارس العمل من مكتبها أو منزلها هنا في مدينة الرياض لصالح شركة سويدية تقع على بُعد آلاف الكيلومترات في ستوكهولم أو في أي مدينة أخرى في السويد أو خارجها وذلك باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة التي ألغت حاجز الزمان والمكان.
جميلٌ أن يتحقق ذلك، فالمرأة السعودية تعلمت وتدربت وأصبحت قادرة على العمل والإنتاج والإسهام في نهضة البلد وفي نهضة السويد أيضا ولكن ما يحد من استثمار إمكاناتها هو بعض التقاليد المحلية التي ليس لبعضها ما يسندها شرعاً سوى الاجتهادات الموغلة في التحفظ والتشدد.
مع ذلك أرى أنَّ من اللافت للنظر أن تلجأ المرأة السعودية إلى شركات سويدية كي تجد لديها في السويد فرصاً للعمل عن بُعد بعدما عز العمل عن قرب في سوق عمل محلي يتسع للملايين من العمالة الوافدة الرجالية والنسائية.
ما تحتاج إليه المرأة السعودية، في الواقع، هو أن يتعاون معها قطاع الأعمال ويمنحها فرصة العمل اللائق في بيئة عمل مناسبة وبأجر مناسب. وحين تتوافر الرغبة الصادقة الأكيدة لدى القطاع الخاص في إتاحة الفرصة للمرأة كي تعمل سواء عن بُعد أو عن قرب، فسيكون بالإمكان تحقيق ذلك دون اللجوء إلى شركات سويدية.
الملاحظ، أيضا، أن من يقود هذا الجهد التعاوني مع السويد هو فرع السيدات في غرفة الرياض. ونقول: بارك الله في جهودكم، ولكن نرجوكم فتشوا عن الفرص المتراكمة لديكم في المنشآت التي تعود ملكيتها لسيدات ورجال أعمال من أعضاء وعضوات غرفة الرياض، وسوف تجدون أنه بالقليل من الجهد سوف يكون بوسعكم استيعاب النساء السعوديات الباحثات عن العمل.
أرجو ألاَّ يأتي من يقول: إن حال أخواتنا في الفرع النسائي في غرفة الرياض ينطبق عليه قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
فكل جهد لتوظيف المرأة السعودية مُقَدَّر ومشكور حتى لو كان ذلك في السويد عندما يكون ذلك العمل ملائماً وشريفاً.