الجزيرة - يحيى القبعة:
أكد مدير مركز الحوكمة بجامعة الملك خالد، قرب إطلاق مؤشر وطني لقياس الحوكمة يُعد الأول من نوعه، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة، موضحاً أنه سيكون متاحاً على شبكة الإنترنت لكافة المستفيدين من خلال الاشتراك في خدمات المركز.
وقال الدكتور علي مفرح سرحان لـ«الجزيرة» إن المؤشر سيحدث نقلة نوعية في بيئة المال والأعمال، ويزيد من بريق البيئة الاستثمارية السعودية، من خلال رفع مستوى الشفافية في التقارير المالية للشركات، بما يوفره من معلومات تزيد من مصداقيتها وتساعد في صنع القرارات.
وأضاف: المؤشر سيكون محل اهتمام جميع المتعاملين في بيئة الأعمال ابتداءً من موظفي الشركات مروراً بالإدارات والمستثمرين والممولين وانتهاء بأجهزة الرقابة الحكومية.
وفيما يخص تغريم 26 شركة مدرجة بسوق الأسهم مؤخراً من قِبل هيئة السوق المالية ذكر د. سرحان: هناك المزيد من الشركات سيتم فرض عقوبات عليها وقريباً، لافتاً إلى أن الهيئة تمارس حقها في متابعة كل المخالفات التي ترتكبها الشركات المدرجة في سوق الأسهم من حيث عدم الالتزام بلائحة الحوكمة.
وعن أثر هذه العقوبات على السوق، أكد أن التبعات ستكون ضئيلة جداً، مقارنة بالإيجابيات المتمثلة في زيادة مستوى الشفافية والوضوح لدى المساهمين، الذين سترتفع ثقتهم نتيجة وجود جهة رقابية تحفظ استثماراتهم.
واتفق المحلل المالي محمد الضحيان مع الدكتور سرحان في محدودية تأثر السوق بهذه العقوبات، «العقوبات التي تم فرضها على عدد كبير من الشركات ستعزز من قوة الهيئة ومصداقيتها لدى المستثمرين بأنها صارمة حيال أي مخالفة من قبل الشركات المدرجة».
وتوقع الضحيان، أن يكون هناك التزامٌ أكبر من قبل الشركات المخالفة بمعايير الحوكمة حتى لا تتعرض إلى عقوبات تؤثر عليها بشكل كبير.
واعتبر الضحيان أن تطبيق الحوكمة بشكل تدريجي، جعل كثيراً من المتعاملين بالسوق أكثر اطمئناناً عما مضى، نتيجة تطبيق النظام على الجميع، مطالباً كافة الشركات بعدم مخالفة اللائحة مما يؤثر على شفافيتها بشكل إيجابي لدى المتداولين والمساهمين.
من جانبه أكد المحلل المالي فارس حمودة أن حوكمة الشركات كانت غير إلزامية في السابق، لكن الهيئة بدأت في تطبيقها على الشركات المساهمة بشكل تدريجي، مضيفاً أن جميع الشركات غير معتادة على الالتزام بهذه المعايير، مما يوقعها في فخ العقوبات.
ودعا حمودة الشركات إلى أن تقوم بتوظيف وتكليف عدد من المتخصصين للتأكد ومتابعة مدى التزام الشركة باللائحة حتى لا تقع في أي مخالفة.
وأبان أن فرض العقوبات على أي شركة لعدد من المرات سيؤدي بطبيعة الحال إلى تشويه سمعتها وفقدانها لمصداقيتها لدى المساهمين، مما يؤثر على أدائها في السوق بتحقيقها نتائج سلبية.. مشدداً على ضرورة المتابعة من قبل الشركات والحرص على تطبيق كل معايير الحوكمة.
وأشار الباحث المتخصص في حوكمة الشركات الدكتور عامر محمد الحسيني إلى أن الشركات بعد إلزامها بمعايير الحوكمة تدريجياً، أصبحت تطبق ما تريد منها، مما يُوصلها إلى طريق الغرامات.. مشيداً بقرارات هيئة السوق الصارمة التي تعزز من قوة سوق الأسهم، ومحذراً الشركات المخالفة بعدم تكرار مثل هذه الأخطاء حتى لا تتكبد خسائر مالية مستقبلاً.
وشدد الحسيني على أهمية الالتزام بمعاييرالحوكمة، لأنها تمثّل حماية للشركة نفسها وللمستثمر أيضاً، متوقعاً عدم وجود تبعات سلبية بعد هذه العقوبات، «ستزيد من معدلات الشفافية والمصداقية، مما يخلق جواً صحياً للاستثمار في السوق السعودي».
وخلص الباحث في حوكمة الشركات إلى أن تطبيقاً فاعلاً للحوكمة يستلزم وجود بنية قانونية داعمة ومفعلة، بعيدا عن سياسة التفعيل بالقطارة، التي يتم انتهاجها مع لائحة حوكمة الشركات في القطاع الخاص، وعلى الجهات الأكاديمية تفعيل دورها في زرع ثقافة الحوكمة ودفعها إلى مراحل متقدمة من التنفيذ والاهتمام بالتعاون مع الجهات الإعلامية والتشريعية ذات العلاقة، لرفع كفاءة السوق وتطويرها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية، التي تخدم مصالح الأطراف كافة.
وكانت هيئة السوق المالية قد أعلنت يوم الأربعاء الماضي عن فرض غرامات مالية على 26 شركة مدرجة في سوق الأسهم المحلية لمخالفتها إحدى القواعد الإضافية من لائحة حوكمة الشركات الملزم تطبيقها تتعلق بوضع معايير اختيار عضوية مجالس الإدارة فور إقرارها من قبل جمعياتها العمومية، فيما تعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها التي تفرض فيها الهيئة غرامات على هذا العدد من الشركات بشكل متزامن.
وحسب الإعلان تم فرض غرامة مالية مقدارها عشرة آلاف ريال على عدد من الشركات المدرجة لمخالفتها الفقرة (د) من المادة العاشرة من لائحة حوكمة الشركات، لعدم وضعها سياسات ومعايير وإجراءات واضحة ومحددة للعضوية في مجلس الإدارة ووضعها موضع التنفيذ بعد إقرار الجمعية العامة لها.
وكانت أغلبية الشركات والبنوك المدرجة قد تعهدت في بيانات نشرتها على موقع «تداول» قبيل إجازة عيد الفطر الماضية، على التزامها بتطبيق قرار هيئة السُّوق المالية المتضمن تفعيل الفقرتين (ج، د) من المادَّة العاشرة من لائحة حوكمة الشركات كقواعد إضافية والتي دخلت حيز النفاذ مع مطلع شهر يوليو الماضي، حيث أفادت تلك الشركات في حينه بأنّها انتهت من إعداد كافة السياسات والمعايير والإجراءات التي تتناول العضوية في مجالس إدارتها وبما يتوافق مع جميع متطلبات الجهات النظاميَّة ذات العلاقة وبأفضل التطبيقات المحليَّة والدوليَّة في هذا الإطار، مشيرة إلى أنَّها - كإجراء تنظيمي - بصدد الرفع بها في أقرب اجتماع لجمعياتها العمومية لإقرارها تمهيدًا لوضعها موضع التطبيق.
وشملت قائمة الشركات المخالفة كلاً من: البنك السعودي الهولندي، شركة بروج للتأمين التعاوني، شركة عناية السعودية للتأمين التعاوني، شركة نماء للكيماويات، شركة أمانة للتأمين التعاوني، شركة الاتصالات المتنقلة السعودية «زين السعودية»، شركة كيمائيات الميثانول «كيمانول»، شركة السعودية للنقل والاستثمار «مبرد»، شركة المواساة للخدمات الطبية، شركة تهامة للإعلان والعلاقات العامة والتسويق القابضة، شركة الجبس الأهلية، الشركة السعودية للأسماك، الشركة السعودية لإنتاج الأنابيب الفخارية، البنك السعودي الفرنسي، شركة أسمنت المنطقة الجنوبية، شركة الخطوط السعودية للتموين، شركة الإنماء طوكيو مارين، الشركة السعودية للفنادق والمناطق السياحية «شراكو»، الشركة العقارية السعودية، البنك السعودي البريطاني «ساب»، الشركة الخليجية العامة للتأمين التعاوني، شركة مجموعة أنعام الدولية القابضة، شركة الأسمدة العربية السعودية «سافكو»، شركة الصحراء للبتروكيماويات، شركة كيان السعودية للبتروكيماويات، والشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك».