كعادة إيران يسوؤها أن يحصل استقرار ويعود الأمن لبلد عربي يسعى إلى مدّ نفوذها إليه وتتمدد عبر أذرعتها الطائفية لتحويله إلى (ولاية) في إمبراطورية الصفويين.
اليمن وبعد جهود مضنية بذلتها الأمم المتحدة ودول مجلس التعاون والقوى الوطنية، أمكن التوصل إلى تفاهم ووفاق وطني تمثل في نجاح الحوار الوطني واجتياز مرحلة الخطر التي كانت تهدد بانشطار اليمن إلى ولايات عدة، عملت إيران وعبر أذرعها الطائفية وتوظيف طموحات سياسيين يمنيين أثبتوا فشلهم عندما كانوا في الحكم إلى إفشال تلك التفاهمات والوفاق، إذ كان طموح إيران أن تستحوذ على ولايتين يمنيتين واحدة في الشمال متمثلة في جيب الطائفيين في صعدة، وأخرى عبر عميلهم الجديد (السيد سالم البيض)، إلا أن جهود الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والدعم الدولي الذي قادته الأمم المتحدة، المؤزر بالدعم الإقليمي الذي بذلته دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أعادت الاستقرار لليمن، وأنهى الأجواء العدائية، وتوصل الفرقاء اليمنيون إلى صيغة توافقية تمثلت في فدرالية الأقاليم التي تبشر بمرحلة جديدة من التفاهم والتفاعل بين أبناء اليمن، تجعلهم يهتمون بالتنمية والتوقف عن القتال والتناحر.
هذه الطموح والمسعى اليمني لم يتوافق ولا يخدم الإستراتيجية الإيرانية التي لا تنتعش ولا تتحقق إلا بوجود الفوضى وتدهور الأمن، ولهذا فقد وجهت ذراعها الطائفي في اليمن (الحوثيون) لصنع فوضى أمنية جديدة، بإشعال حرب جديدة بينهم وبين القبائل اليمنية. في البداية أشعلوا حرباً مع قبيلة حاشد وبالذات مع العشائر التي تقودها أسرة آل الأحمر، وافتعلوا التصادم والاحتراب بحجة احتضان آل الأحمر للسلفيين من خلال حزب الإصلاح، إلا أنهم أي الحوثيين وبعد تمددهم من صعدة إلى (حوث) معقل آل الأحمر وسيطرتهم الكثير من القرى والمناطق التي تعود لقبيلة حاشد توسعوا في معاركهم ليسيطروا على الجوف ويتجهوا إلى عمران، ويخططوا للوصول إلى العاصمة صنعاء والسيطرة على المناطق المحيطة بها أو الحصول على منافذ بحرية.
توجه الحوثيين إلى صنعاء والسعي إلى السيطرة على منافذ بحرية في غرب اليمن سيوسع دائرة الحرب بين الحوثيين والقبائل، وهم إذ استطاعوا أن يواجهوا قبائل حاشد ويحققوا بعض الانتصارات فإن الوضع يختلف عندما يطمعون في صنعاء أو في السيطرة على المناطق المحيطة بها خصوصاً على جبل الصمع في مديرية أرحب الذي يشرف على مطار صنعاء الدولي، ومن يسيطر على الجبل يجعل المطار تحت سيطرته، وهذا لا تقبل به الحكومة ولا القبائل اليمنية في أرحب والتي بدأت تحتشد وتنسق بينها وخصوصاً بين قبائل حاشد وبكيل وقبائل أرحب مما سيشعل حرباً طائفية تعيد اليمن إلى الفوضى السابقة التي عالجها مؤتمر الحوار الوطني... وهو ما تريده إيران بهدف أن تملأ الفراغ من قبل أذرعتها الطائفية وعملائها الذين لا يخفون تعاملهم مع نظام طهران.