حديثنا هذا عن كتاب الأصمعيات .. وهي مختارات ابي سعيد عبدالملك بن قريب الأصمعي، وقد حقق نصوصها وشرحها وترجم لأعلامها ووضع فهارسها الدكتور عمر فاروق الطباع، ويقع في 300 صفحة.
والأصمعي أحد أئمة اللغة في العصر العباسي الأول، ولد سنة 123 وقد توفي سنة 216هـ وهو من الرعيل الأول من علماء اللغة وآدابها قال عنه ابن حزم في جمهرة إنسان العرب أدرك جده أصمع النبي عليه الصلاة والسلام وكذلك أبوه فطهر وأسلما جميعاً، وأخذ العلم عن ثلاثة من كبار أئمة اللغة والأداب في القرن الثاني للهجرة، وهم: أبو عمرو بن العلاء والخليل بن أحمد وخلف الأحمر.
وخرج إلى البادية وألم بأصول اللغة العربية ومشافهة الأعراب، ولقد جمع زاداً غنياً من غريب اللغة وثروة أدبية واسعة من القصائد والنوادر والأخبار والسير.
يقول ابن خلكان: كان الأصمعي صاحب لغة ونحو وإماما في الأخبار والنوادر والملح والغرائب، ولقد قيل: ما عبر أحد من العرب بأحسن من عبارة الأصمعي، ويقول عمر بن شيبة: سمعت الأصمعي يقول (أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة).
ولقد جمع في هذا الكتاب مجموعة من القصائد امتازت بحسن الضبط واستفاضة الشرح ودقة الرواية وروعة البيان، وذكر الشاعر والمناسبة واشتمل على اثنين وتسعين قصيدة من أروع الشعر ولا غرو فكتب الأصمعي أشبه بدائرة معارف وتحية للمحقق على هذا الأثر القيم الذي ظفرت به المكتبة العربية ويعد اسهاما جليلا في هذا الميدان، ومهما يكن من أمر فإن تحقيق كتب التراث عمل جيد يظهر فيه عمل المحقق وجهده واجتهاده، وليت الكثيرين من المحققين وطلاب الدراسات العليا يتخذون من التراث منطلقا لبحوثهم ودراساتهم ولكل عمل فكري مثمر وجاد.