إن لم تستفد مؤسسات المجتمع مما يقدّمه لها الكتّاب من أفكار، ويناقشون معها في شؤونها من أمور قد لا تظنها ذات بال، وهي تمس شرائح المجتمع من خلال أداءاتها، وهم ينقلون لها ما لا تراه، ويختصرون لها طريقاً طويلاً للوصول إليه.. فإن ما يكتبون زاد للريح..
مع أن صفحات التفاعل التي تخصها الصحف بمساحات يومية تعج بالردود، غير أنها في الغالب تأخذ طابع الدفاع عن النفس، أو مناقضة الرأي، أو سرد ما تراه نافعاً مجدياً فيما تقدم، بينما تئن شرائح المجتمع من القصور، وتحديداً في الجوانب الحيوية التي تمس حياتهم، وتنشئة أبنائهم، أو سرعة إنجازاتهم..
وأكثر ما يكون هذا في مجال التعليم، والصحة، والاتصال، والمواصلات، التنشئة، والحقوق...
أذكر أن إدارة الإعلام، والعلاقات العامة قبل عقدين من الزمن وأكثر في وزارة التربية والتعليم، كانت تعنى بجمع ما تنشره الصحف في ملف شهري من التقارير، والتحقيقات، والتعقيبات الصحفية، وما يكتبه كتابها، بل أدباؤها من أمور تمس عملها الميداني، والتعليمي، والتربوي، وإعداداتها له، بل أيضاً المنهج الفكري فيما تنتجه هذه المؤسسة الحيوية بالغة الأهمية، وشريان النهضة، وعصب البوتقة، وتقوم بتزويد كل جهة، وكل كاتب - على ما أظن- بنسخة منه بعد أن تكون قد شفعته بخطاب يشرح فيه المسؤول ما تم من تفاعل مع ما يتضمنه الملف من موضوعات تخص الكاتب..
مثل هذا الأداء التفاعلي كان يمكن أن يتطور، وأن يكون جسر التنفيذ لما يُكتب من مقترحات وأفكار ومعالجات من قبل الإعلاميين والمفكرين وذوي الأقلام، ولما يتم من قبل المسؤولين التنفيذيين في المؤسسات ذات العلاقة..
على الأقل كانت هناك محاولات لغرس قواعد التفاعل..، وإن لم تثمر أسفار الكتابات حتى الآن عن تغييرات ذات بال..
فالمؤسسة التعليمية لا تزال مدار همٍّ، ومحور غمٍّ.. ومصدر آهٍ..
أحسب أن الأقلام تدور حول نفسها، ولا تزرع في غير صفحات كاتبها..
فنتائج المتوقّع أدنى من واقع المحقق في مؤسسات بنائية، وخدمية، وحيوية ذات أهمية حتى الآن..