بظهور الإنترنت، يكون ما يُسمى الفضاء الافتراضي أو الفضاء الإلكتروني أو فضاء المعلومات Cyberspace، هو بيئة متعددة الجوانب، معقدة بقوة، نشأت من أشكال لا يمكن تخيلها من الحياة الرقمية، وظهرت كيانات اجتماعية لم تكن موجودة في السنين القليلة الماضية.
وقد تكوَّنت الكيانات الاجتماعية الرقمية الجديدة في الفضاء الإلكتروني في هيئة جماعات رقمية يتم تحاور البشر عبرها، من أشهرها خدمة usenet والمجموعات الإخبارية news group ولوحة الرسائل message boards وغرف الدردشات chat room ومؤتمرات الفيديو video conferencing، وهناك أيضاً البريد الإلكتروني e-mail.
وهذا يستدعي من علماء النفس والاجتماع التركيز على الكيفية التي تغيَّرت بها صيغ وحدود الزمن والفضاء والمثيرات الحسية وكل ما هو مرتبط بأشكال الاتصال الإنساني في الحياة الرقمية الجديدة.
ولدراسة تلك الظواهر الجديدة يتطلب الأمر تكاملاً في منهج دراسة الحالة كمنهج بحثي تتكامل فيه أدوات البحث من ملاحظة وفحص ومناقشة ومعالجات واستبانات قياسية.
إن أجهزة الحواسيب والفضاء الإلكتروني الواسع أصبحت نمطاً من الفضاء الانتقالي transitional space يمتد فيه عالم الفرد ونفسيته، حيث تلتقي فيه نفس بأخرى منفصلة عنها.
وعند قراءة البريد الإلكتروني أو الحوار داخل غرف الدردشة مع رفيق إنترنتي أو جماعات الأخبار أو لوحة الرسائل، بعضهم يشعر بالاندماج العقلي والمزج مع الآخر.
ثم، إن البريد الإلكتروني هو الأداة الأساسية في أشكال الاتصال الرقمية الجديدة التي تتحاور بها الجماعات الرقمية، فهي طريقة فريدة ومهمة للاتصال والحوار وتطوير العلاقات بين البشر، وقد تكون أهم وسيلة منذ اختراع الهاتف، لأنه سهل الاستعمال.
ويجده الناس مألوفاً وآمناً، لأنه متشابه في نقاط كثيرة مع كتابة خطابات، إلا أنه يتخلص من مصادر الإزعاج مثل عنونة مظاريف ولصق الطوابع والذهاب إلى صندوق البريد لوضعه أو استلامه.
يقول الدكتور أحمد محمد صالح - أستاذ متخصص بقضايا النشر الإلكتروني بجامعة أسيوط - البريد الإلكتروني ليس فقط مجرد بريد يرسل عبر الإنترنت، بل ينشئ فضاء إلكترونياً سيكولوجياً بين أزواج الناس ومجموعاتهم المتفاعلة عن بعد.
والسمات الأساسية للتحاور عبر البريد الإلكتروني، تتركز في أنه نص مطبوع يتكلم، فالناس تكتب كلمات للاتصال عبر البريد الإلكتروني.
في البريد الإلكتروني يلحظ أن الهوية تختفي، فالناس قد لا يعرفون من أنت أو أين تكون؟ عندما ترسل لهم بريداً إلكترونياً.
في دراسة حديثة، نسب أغلب الأفراد اتخاذ قراراتهم أو نواياهم إلى الحاسوب، وأكثر من خمسهم حمّل الحاسوب بشكل واضح المسؤولية الأدبية عن الخطأ، بل كثير من الآباء اتهموا تقنيات الحاسوب والاتصالات في شخص البريد الإلكتروني بأنها السبب في المضايقات التي تعانيها بناتهم من المتطفلين عبر الإنترنت.
ختاماً يمكن القول إن الحاسوب والإنترنت بما فيهما من بريد إلكتروني مجرد أدوات غير مسؤولة عن الفعل، فهي ليست شخصاً له مسؤولية الفعل. فهو مجرد وسيط لذلك ينبغي مراعاة القيم الإنسانية والثقافية في تصميم التقنية، إذ الإحساس بالقيم الإنسانية ينبغي أن يكون جزءاً من ثقافة علوم الحواسيب والاتصالات.