يبدو أن تسميتي لربيع العرب بأنه ربيع أوباما، وليفي، والقرضاوي، وساركوزي استفز بعض المزايدين الحالمين، والذين يرون بأنهم وحدهم من ينشد الحرية، والديمقراطية، وفات عليهم أننا كتبنا، وقلنا إن الوضع في بعض بلاد الثورات، كما في ليبيا، بلغ مرحلة من السوء لم يعد معها ممكناً أن يستمر، وفي هذه الحالة لا يكون هناك مناص من التحرك. هذا، ولكني كتبت العبارة الآنفة الذكر لأؤكّد على أن إدارة أوباما، ووراءها الغرب لم تستغل هذه الأوضاع المأساوية في بلاد الثورات لمساعدة الشعوب في الحصول على الحرية، والديمقراطية كما أوهموا الشعوب العربية، وإنما حاولوا قدر الإمكان تجيير هذه الثورات لخدمة مصالحهم، ما يعني أن ما كان يُقال نظرياً عن انتهازية الغرب، قد تم تأكيده عملياً هذه المرة، وهذا أمر مؤلم، ومحبط.
تقول الوثائق إن المحادثات كانت تجري بين التنظيم الدولي للإخوان، والإدارة الأمريكية قبل الثورات العربية بسنوات، وبدأ الشك يراود المتابعين، وذلك جراء التناقضات الأمريكية في التعامل معها، فأوباما الذي طلب من مبارك التنحي، وشارك في ضرب ليبيا، تلكأ فيما يتعلّق باليمن، وسوريا، فهل كانت الشعوب العربية على درجات متفاوتة، حتى يسرع من أمر نشر الديمقراطية في ليبيا، ومصر، ويتجاهلها في سوريا؟!! وخصوصاً أن سوريا تصنّف على أنها عدو، مقارنة بمصر مبارك، والتي كانت صديقة حميمة للأمريكيين!!
بعد ذلك، انفرطت السبحة، حينما دعمت أمريكا تنظيم الإخوان حتى وصل إلى السلطة، وبلغ حرص أوباما على نشر الديمقراطية في مصر أنه لم يمانع في أن يشارك المرشد العام لتنظيم الإخوان، ونائبه في حكم مصر!! في فوضى سياسية يندر أن يوجد لها مثيل، وحتى عندما ثار الشعب المصري على حكم الإخوان، بعدما اكتشفوا اللعبة، لا تزال إدارة أوباما تراوغ في مواقفها، وهنا لا بد أن نتوقف، ونتساءل عن حجم التنازلات التي قدَّمها تنظيم الإخوان في مفاوضاته مع الأمريكيين، وجعل إدارة أوباما تتحسر على إزاحته عن السلطة، للدرجة التي افقدتها مصداقيتها لدى الشعوب العربية، بشكل لم يسبق له مثيل.
حسناً، على الحالمين أن يدركوا - بعد تجربة الثورات العربية - أن الشعارات الغربية فيما يتعلّق بنشر الديمقراطية لا تعدو أن تكون وسيلة لغاية مصلحية غربية بحتة، فالغرب هو الغرب، ونيكسون هو أوباما، تماماً كما تشرشل، وايزنهاور، لا يهمهم إلا مصالح دولهم، فقد تعاملوا مع القذافي - رغم جنونه الواضح- لأكثر من أربعة عقود، ولكن يظل الجميل في الأمر أن شعب مصر، وجيشها، ووراءهم حلفاء، يعتمد عليهم في الملمات، وقفوا لهذا المخطط بالمرصاد.