Wednesday 29/01/2014 Issue 15098 الاربعاء 28 ربيع الأول 1435 العدد
29-01-2014

مستسرع الارتقاء الوظيفي

كممارس للتطوير المهني، أواجه سؤالين مهمين من كثير من التنفيذيين الذي يبحثون عن الارتقاء للمناصب القيادية في مؤسساتهم، السؤال الأول «كيف أستطيع أن أكون مستسرع الارتقاء الوظيفي (Fast Track Executive)؟» والسؤال الثاني «متى أترك المنظمة التي أعمل بها وأنتقل لأخرى»؟

وحيث إن الإجابة على السؤالين تقتضي إيضاحاً قد لا يتسع له مقال واحد فسأعرض في هذا المقال الإجابة عن السؤال الأول والتي تمثل رأيي في هذا الخصوص والذي تكون من ملاحظاتي وقراءتي لسيرة العديد من التنفيذيين الذين ارتقوا للوظائف القيادية بسرعة فاقت المعدلات الطبيعية؛ لذا فما أعرضه سيكون فكري في هذه الجانب وقد يختلف عما يتبناه عدد من خبراء تطوير الأداء العملي.

في نظري أن السيرة المهنية للموظف الذي يزمع ارتقاء السلم المؤسسي تمر في أربع مراحل، كل مرحلة لها متطلبات تأهيلية، وقد تطول مدة كل مرحلة أو تقصر بناء على نوعية المؤسسة ونمط العمل بها ونظامها الداخلي ومدى توفر الفرص داخل المؤسسة نفسها ولكن المعتاد أن كل مرحلة يجب أن لا تزيد عن 8 سنوات ولا تقل عن 4 سنوات كمعدل، أما في حالة (المستسرع للارتقاء الوظيفي) فلابد أن تكون أقل من ذلك. هذه المراحل الأربع تتمثل في: المرحلة الأولى وسأسميها اصطلاحا (المرحلة الفنية)، وتبدأ منذ دخول الموظف معترك العمل الوظيفي، ويغلب عليها الطابع الفني حيث يتوقع من الموظف كفاءة في تنفيذ أعمال إنتاجية فنية معتمداً على المعارف والمهارات والأدوات التي تتوفر له، ثم ينتقل للمرحلة الثانية والتي سأسميها (المرحلة الإشرافية) حيث يصبح الموظف مسئولا على مجانسة وتضافر جهود موظفين مرؤوسين له ويضع معايير للجودة ويحدد الأهداف، بعد ذلك ينتقل إلى المرحلة الثالثة والتي سأسميها (المرحلة التناغمية) وفي هذه المرحلة يصبح لدى الموظف مهام أكثر من مجرد إدارة الموارد حيث سيكون مسئولا عن تناغم أداء الإدارات المنضوية تحت إدارته وتناغمها مع عموم إدارات المنظمة في سبيل تحقيق الأهداف الإستراتيجية، فيصبح ملما بالتحديات التي تواجه المنظمة ويساهم باستمرار في تجاوزها لينتقل للمرحلة الرابعة والتي سأسميها (المرحلة القيادية) في هذه المرحلة يتحدد دور الموظف في دورين أساسيين الأول هو تمكين المنظمة من الموارد البشرية المتميزة وذلك بالبحث المستمر عن الكفاءات داخل وخارج المنظمة لاستقطابهم، ووضع الحوافز التي تضمن العدالة داخلياً والمنافسة خارجياً ووضع آليات التطوير والتحسين المستمر لأسلوب وبيئة العمل، والدور الثاني هو التصرف كرجل أعمال قريب من العملاء مهتم بالموردين عالم بإسرار السوق مطلع على واقع المنافسين، ومدرك للتحديات.

بعد أن أوضحت المراحل الأربع التي يمر بها الموظف القيادي خلال حياته الوظيفية، يأتي الجواب على كيف يكون الموظف (مستسرعاً للارتقاء الوظيفي؟) ويتمثل ذلك في اكتساب عشر سمات مهمة وجدتها في كثير من التنفيذيين الذين تميزوا في أدائهم وسرعة توليهم المهام القيادية وتتلخص في التالي:

1 - الرويُّة. وهي تنمية رؤيا استشرافية للمستقبل تعتمد الاستطلاع المعرفي والبحث والتحليل والإلمام بالمتغيرات وتأثيرها.

2 - الحذق. وهو تنمية الإدراك للتكلفة وعلاقتها للقيمة المضافة، والوعي أن التفوق يتحقق بتنمية القيمة المضافة فيصبح الترشيد في التكاليف متجانساً مع تنمية المكاسب.

3 - التنظيم. تنمية الحس بكون حياة الفرد برمتها هي مشروع له مداخلات وله مخرجات وتكاليف ومنجزات ويحقق أهدافا، وكل نشاط فيها هو مشروع أصغر متجانس في الهدف والمخرجات مع المشروع الحياتي.

4 - الاكتساب المعرفي. فتح أفق التعلم من كل حدث وكل أحد وتقبل كل فكرة ونقاشها رغبة في المعرفة لا قمعاً للمختلف في الرأي.

5 - تطوير الذات. ويكون ذلك بإدراك جوانب القصور الذاتي والعمل على معالجتها واكتساب ما يحجمها أو يحد من تأثيراتها.

6 - تمكين المروءة. إحداث توازن بين الرؤيا الذاتية للنفس والانطباع الذي يكونه الآخرون.

7 - التحفز. إحداث التغيير وتقبله عندما يصبح هو الخيار الأنسب وعند الهروب من مواجهة التحديات.

8 - بناء الثقة. بناء منظومة شخصية للقيم السامية والالتزام بها والاستدامة عليها.

9 - تكوين السمعة. العمل على خلق صورة اجتماعية تعبر عن تميز إيجابي.

10 - التفاعلية. بناء المهارات التي تحسن التواصل الاجتماعي والمهني والرسمي.

وحتى يحقق (المستسرع للارتقاء الوظيفي) طموحه عليه أن يستغل كل الفرص والإمكانات ضمن أطر الأخلاق والعدالة لاكتساب الفرص السانحة فيستعد لكل مرحلة بما تتطلب من تهيئة وتأهيل فالمرحلة الأولى تتطلب المهنية والدقة والالتزام والحرفية أما المرحلة الثانية فتتطلب المسؤولية والاستيعاب ويستحسن للموظف تحصيل شهادات في إدارة المشاريع (PMP) وشهادات في الإدارة المالية مثل (الإدارة المالية لغير الماليين) والمرحلة الثالثة تتطلب قدرات في إدارة الأهداف والتخطيط ومهارات التجنيس وتشجيع الإبداع ويفضل الحصول على شهادات في إدارة وتحفيز الأفراد وإدارة التغيير والذكاء الاجتماعي والمرحلة الرابعة تتطلب الحكمة والقدرة على الاستماع والاستنتاج والتعرف على سمات القيادة لدى الآخرين والإلمام بمجال عمل المنظمة.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب