تسمح مراجعات الأداء المرتبطة بالتعويض باستحداث ثقافة موجهة نحو إلقاء اللوم والمعاتبة. ومن المتعارف أنها تعزز الهرمية في السلطة، وتقوض حس الزمالة، وتحول دون إيجاد حل تعاوني للمشاكل، وتمنع قول الأمور مباشرة، إلى جانب كونها قابلة للتسييس بسهولة.
وعلى خلفية ما سبق، حاولنا اختبار منهجية مختلفة في شركة «لير». في العام 2010 استبدلنا تقارير الأداء السنوية بجلسات فصلية، يتحدث فيها الموظفون مع المشرفين عنهم عن عملهم الماضي والمستقبلي، في ظل تركيز على اكتساب مهارات جديدة، وتبديد مَواطن الضعف. وفرضنا التغيير على موظفينا، البالغ عددهم 115 ألفاً، في 36 دولة. وكانت ثقافة البعض منهم مختلفة كثيراً عن ثقافة قاعدتنا الأمريكية.
واللافت أن جلسات المراجعة الفصلية ليست مرتبطة على الإطلاق بقرارات دفع المال. في البداية، شكك الموظفون في المنهجية المطروحة؛ ما دفعنا إلى التخلي على العلاوات الفردية السنوية؛ بهدف الدخول في صلب الموضوع، وإلى تعديل الرواتب وفقاً لمتطلبات الأسواق المحلية المتغيرة دون سواها.
وقد تقولون: مهلاً، ماذا عن دور المراجعات المرتبطة بالتعويض في التخلص من الأداء الرديء، وتحفيز الموظفين وتعزيز الأداء؟ ماذا عن الضرورة القانونية لاستحداث أكوام من المراجعات السلبية المكتوبة على الورق، لتبرير عمليات التسريح التي تطول أصحاب الأداء الضعيف؟
نرى أن مراجعات الأداء التقليدية قلما تسمح بتحفيز الناس على العمل، مع الإشارة إلى أن طريقة تحفيز أداء عال تكمن في إعطاء تعليقات صادقة يسمعها الموظفون والمديرون فعلاً.
وقد اكتشفنا أن نظامنا الجديد يعزز إلى حد كبير عملية إصدار تعليقات عن الأداء. يقول المشرفون والموظفون إن الجلسات الجديدة لا تصيبهم بالقدر ذاته من التوتر، وتسمح بزيادة الإنتاجية أكثر بكثير من مراجعات الأداء القديمة. وكذلك، يشعر المديرون بارتياح أكبر حيال إعطاء تعليقات، من دون أن يخشوا رد فعل سلبياً من الموظفين، مع الإشارة إلى أن المناقشات ما عادت تسلط الضوء على إنجازات محددة، بقدر ما تركز على مهارات الأشخاص، التي تعتبر بالغة الأهمية لأداء الشركة عموماً. ومع استبعاد المخاوف المرتبطة بالمال وبمقام الأفراد في الشركة، حررنا الموظفين؛ ليشعروا بالارتياح، ويسمعوا ما يريد المديرون قوله، وكذلك ليسمعهم المديرون.
ومع أن الوقت، لا يزال مبكراً ليظهر تأثير ذلك في تصريح الدخل. سُجّلت زيادة ملحوظة في حس الزمالة.
صحيح أن بعض المديرين يتساءلون - بحسب أقوالهم - حول ما إذا كانت جهودهم كافية لمنح تحفيز لأصحاب الأداء العالي، لكننا نعتقد أن احتمال الحصول على ترقية كافٍ. ونحن نمنح فعليا مكافآت، تأتي على شكل أسهم، لعدد من الأشخاص سنوياً، مقابل إنجازات تقنية خارجة عن المألوف.
عندما أحث شركات أخرى على الامتثال بنا لا تكون توصيتي بذلك عشوائية. أنا أعرف أن الثقافة القائمة على المراجعة والأداء راسخة إلى حد كبير، وأعرف أن السبب الذي يحث الشركات على التعلق بهذا التقليد هو القلق إزاء تحقيق أداء عال. إلى ذلك، أعرف مسؤولاً تنفيذياً واحداً على الأقل حاول التخلص من المراجعات المرتبطة بدفع المال في مؤسسته، وقد أحبطت الإدارة الفكرة، إلا في حال اعتقدت «وول ستريت» أن المديرين ليسوا جديين بشأن كون شركتهم عالية الأداء.
وفي بعض الحالات، يكون مسؤولو الموارد البشرية أكثر المؤيدين ضراوة للإبقاء على النظام القديم. ففي نهاية المطاف تعتبر الإجراءات الرسمية في حق الموظفين حجر زاوية أقسام الموارد البشرية، وقد تبدو فكرة التخلص منها غير واردة على الإطلاق. وحتى لو أقر المسؤولون التنفيذيون بالعيوب التي تنطوي عليها مراجعات الأداء، غالباً ما يعتقدون أن الحل يكمن بكل بساطة في تصميم استمارات تقييم أفضل.
إلا أن المشكلة لا تكمن في الاستمارات. وقد تبين أن المشكلة تكمن في ارتباط المراجعات بالتعويض. وإن قطعنا هذا الرابط سلكت الشركة الدرب الصحيح نحو استحداث نظام مراجعة قادر على فتح قنوات تسمح بإعطاء تعليقات فعلية عن الأداء في أرجاء المؤسسة.