لست أعني بالوسطاء هنا وسطاء الإصلاح والتوجيه، ولا وسطاء الزواج، ولا وسطاء الوظائف وإتمام المعاملات، وإنما أقصد وسطاء الصفقات المالية من عقار ونحوه.
الوسيط هو ذاك الذي يوفق بين البائع والمشتري في سلعة ما، والمشاهد أن كثيراً من الوسطاء في هذه الأيام - رغم أنهم أكثر من الحاجة بكثير - لا يصدقون في عروضهم المقدمة للتجار، فتجد بعضهم يقدم السلعة وكأنها تفتح على جنة الله في أرضه، أو كأنها ستجلب الربح المضمون الذي طالما حلم به، ويذكرون من المواصفات ما لا تجد بعضه على أرض الواقع، والمقصود الأعظم عند الوسيط أن تتم البيعة ليستلم حقه ونصيبه من السعي، وهذا بعيد عن الأكل الحلال والمال الطيب.
ومن جهة أخرى يكون هناك إجحاف وظلم من التجار على الوسطاء، فتجد بعضهم إذا اشترى لا يدفع السعي للوسيط الذي تعب لأجل إتمام البيع أو طفف فيه ونقص، وأسوأ من ذلك أن يحضر قائمة طويلة من الأسماء تشمل أولاده وأولاد أخيه وبعض أقاربه ويشترط أن يدخلوا في السعي، فبأي حق يأخذون؟!!
أما حيل بعضهم الدنيئة فإنه يحاول بعد أن يعجبه العرض أن يعرف اسم المالك ليصل إليه من غير أن يدفع لذلك الوسيط الذي حفت قدماه ويحرمه من حقه، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل وبخسهم حقوقهم، فتراه (يأكل الجمل ويغص بلقمة).