القاص يوسف الميلم يقول في مجموعته (بصيص من الظلام): كان كل شيء يبدو كما هو.. الجدران والأدراج لم تتغير، والملفات المتناثرة.. ما زالت متناثرة.. حتى الإنسان الجالس على هذا المكتب هو الإنسان نفسه منذ خمسة عشر عاماً.. كانت ملامحه أشبه بطلاسم بعثرها الزمن فلم تعد في مكانها..
كان يمسك بقلم رصاص ويقلبه بين أصابعه وهو يردد بصوت خافت:
عندما يصبح المكان موحشاً فليس أمامك سوى ثلاثة خيارات: إما أن تدفن رأسك في التراب، أو تتحسر على الأيام الباقية، أو تبحث عن مكان آخر استدار بكرسيه إلى الخلف. ثم نهض واقفاً يملؤه الإحباط الذي أحاط به لمدة خمس عشرة سنة، واتجه ببطء إلى النافذة، وإذا بنظراته تترامى في كل الأطراف؛ علَّها تجد شيئاً يسليها، ويبعد الملل قليلاً، أو حتى يزيد من حالة اليأس التي يعيشها.