كان رحمه الله الشيخ (علي الطنطاوي) محدثا لبقا، وفقيها معتدلا، يوصل الخبرة للسامع دون أن يُجهده في التفكير، ولا يُعجزه بالتأويل..
كان أديبا فذا، وعلامة فارقة بين مجايليه، ولعله دون أن أزكيه على ربه هو قبلهم ،وبعدهم، لم يأت من هو مثله في اللطف، والتواضع، والمعرفة، والشمولية والاعتدال.. تلك المزايا التي إن توفَّرت في المُحْدثين، ناسبت أجيال اليوم، والغد..، وأفادتهم في تعديل ميل المركبة يمنة ويسرة مع الأمواج..!
كان برنامجه على مائدة إفطار رمضان أحلى أطباقها، للكبير، وللصغير..، دون أن يتسلى غِرٌ عنه بأية مغريات غير الإنصات إليه، والتمتع بقوله العذب..
مما أحسنت إليه تقنية النقل الصوتي، والمرئي «يوتيوب» أنها أعادت إلينا «الطنطاوي» لنتعايش من جديد مع كثير، أو قليل من إرثه الفكري، والفقهي، والأدبي..الذي لا زمنا مذ لثغة الحرف في مخارجه، وحتى استواء القدم في سيرها.. وإلى الآن وقد أنخنا في فضاء التأمل، والاستدعاء، والتَّفكُر، والاستواء..
إنه ورَّث الجميع منهجا مميزا..،
فإرث خُلقِه ، ودعاباته الوامضة، ويسر منهجه الغني في التربية، والتعليم، بل الأدب الرفيع مدرسةٌ..
تعلمت الكثير منه فيها ، شأني وكل من زاملني النشأة وهو بيننا..
أذكره بكل ثقة في أنه ظاهرة لم تتكرر..
أذكر أنني كنت كلما عنَّ لي سؤال، وجدته يجيب بيسر شخصيا عن هاتفه القريب منه قرب النفَسِ من مجراه..
مما قال وتركه في يقظة الذاكرة: «حياة الإنسان لا تقاس بطول السنين، بل بعرض الأحداث»..
ولعل مقصده أيضا ينصرف إلى مضمون هذه الأحداث في منتج الإنسان...!!
رحمه الله رحمة واسعة، يخضِّبه بنعيمها، وخضرة جِنانها، ويرضيه.