حالما تذكر المنطقة التاريخية بجدة، فإن جميع الأنظار تتجه صوب مساجدها العتيقة، التي تعد ملمحاً مهماً في البناء المعرفي والثقافي للمنطقة، كما يعد التعريف بتلك المساجد أساساً مهماً لدى مخططي المهرجان لتعريف بالقمية التاريخية لها، ويؤكدون أنها عنصر تواصل سياحي أساسي في برامج المهرجان، ويراهنون أنها ستكون عامل استقطاب حيوي لزائري المنطقة في منذ اليوم الأول للمهرجان في الخامس عشر من ربيع الأول الذي سيكون بحضور رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، وأمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد لله. مسجد «الباشا» أحد تلك المساجد العتيقة الواقع ضمن امتداد شارع الملك عبد العزيز، وتحديداً في حارة «الشام»، ويختزل ثلاثة قرون من معلومات التأسيس، ومن بناه هو والي جدة في القرن الثاني عشر في العهد العثماني الأول أبو بكر حسين باشا، وأنه ضمن الأوقاف التي أسسها عام 1147هـ.
وأوردت «هيئة السياحة» في موقعها الالكتروني الرسمي، أنه كان للمسجد مئذنة أعطت المدينة معلماً أثرياً معمارياً وقد بقيت على حالها حتى 1978 عندما هدم المسجد وأقيم مكانه المسجد الجديد الحالي. أما جامع المعمار، فإنه يحتل المرتبة الثانية في خارطة المساجد الأثرية بالمنطقة التاريخية الذي يصل عمره اليوم أكثر من 340 عاماً، ومن بنى هذا الجامع العتيق هو أحد ولاة جدة العثمانيين ويدعى مصطفى معمار باشا، الذي لقب الجامع باسمه وصلى فيه بانتظام، وتجد في محراب الصلاة تاريخ الإنشاء محفوراً في القمة العلوية من المحراب بالتاريخ الهجري وهو عام 1093هـ ويقع في شارع العلوي غرباً بمحلة المظلوم القريبة من برحة نصيف الشهيرة، وهو مسجد كبير ومرتفع كثيراً عن مستوى الشارع. وعند الحديث عن مسجد الشافعي، أو الجامع العتيق الذي يتجاوز عمره اليوم أكثر من ثمانية قرون تقريباً (800 عام)، فهو يقع في زواريب أقدم حارات جدة القديمة بجانب سوق الصاغة والفضيات القديم وصانعي النحاس، وإلى الشرق منه توجد سوق النسيج والملابس المعروفة بسوق البدو التاريخي، وهو مسجد فريد في عمارته مربع الأضلاع ووسطه مكشوف للتهوية من جو جدة الخانق في الصيف.
وأما منبر الجامع الذي بني عام 940 هجرية، فهو خشبي درجه يوازي حائط القبلة، كما يوجد تجويف بيضاوي بداخل المحراب، يسمى «الجامة» حفر عليه اسمان الأول من بناه السلطان عبد الحميد، أحد السلاطين العثمانيين، والثاني المعماري محمد أفندي، الذي سبق أن رمم المسجد الحرام بمكة المكرمة. ووفق كتاب «جدة .. حكاية مدينة» فإن أعمدة المسجد جلبت في صدر الإسلام من مدينة نيسة بالحبشة (إثيوبيا حاليا) عند الفتح الإسلامي، وهي مصنوعة من الساج بما يشبه الرخام المخروط المائل إلى الحمرة.