كان الإجماع بين الخبراء الاستراتيجيين في بداية عام 2014 أن الأسهم ستستمر في تحقيق المزيد من المكاسب، وأن السندات ستفقد المزيد من قيمتها. ولكن سندات الخزانة الأمريكية هذه المرة تضع بالفعل هذا التفكير على المحك. بعد الأداء المخيب عام 2013، بدأت السندات الأمريكية العام الجديد بقوة؛ ما ساعد على تحقيق مكاسب إجمالية بنسبة 2.5 في المائة في كانون الثاني، وذلك في أعقاب تقرير الوظائف المخيب للآمال لشهر ديسمبر، الذي صدر الأسبوع الماضي؛ لذلك فإن سندات الخزينة مرشحة لعودة قوية في عام 2014. والجواب يعتمد إلى حد كبير على المستثمرين الأجانب، بقيادة اليابانيين. ويُعتبر المشتري الأجنبي لفترة طويلة دعامة أساسية وسنداً قوياً لسوق سندات الخزانة. ولوحظ الطلب على السندات هذا الشهر من المستثمرين على المدى الطويل في الولايات المتحدة، ويعتقد البعض أنها ليست سوى مسألة وقت لتلحق بقية دول العالم بالركب بقيادة اليابان، وخصوصاً أن العائد على سندات الحكومة اليابانية لمدة 10 سنوات وصلت نسبته حالياً إلى أقل من 0.7 في المائة. وحسب أشيش شاه، رئيس وحدة الائتمان العالمية في شركة اليانز برنشتاين، يقول إن عامل الأرجوحة للأصول في الولايات المتحدة هذا العام هو اليابان. ويرى تسارعاً محتملاً في الطلب على السندات بمجرد انتهاء السنة المالية اليابانية في مارس/ آذار. هناك الكثير من السيولة الفائضة وسندات الحكومة اليابانية لم تعد جذابة بعد الآن، وخصوصاً أن العائد من هذه الأصول وصل إلى أقل من مستويات التضخم. ومن المتوقع أن يكون هناك إعادة للتوازن، ونحن نشهد بالفعل اهتمام المستثمرين بالسندات مع بداية السنة، وخصوصاً بعد بداية خروج بعض المستثمرين من السندات اليابانية، واتجاههم إلى نظيراتها الأمريكية التي توفر عوائد اسمية. المشترون المحليون في الولايات المتحدة في الوقت الراهن يعتمدون على أن العوائد على سندات الخزانة طويلة الأجل هي أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عام. يُذكر أن العوائد على السندات تتحرك عكسياً مع الأسعار. علاوة على ذلك، انخفاض مستوى التضخم في الولايات المتحدة يعزز من جاذبية امتلاك السندات، ولاسيما وسط مخاوف من أن الأسهم الأمريكية التي في الوقت الحاضر تقدَّر بما يعادل قيمتها بشكل كامل، ومن الممكن أن تشهد حركة تصحيح بعد هذا الرالي الكبير من الارتفاعات.
ومن المتوقع - كما يبدو - أن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيستمر في التخفيض ببطء في المشتريات الشهرية في سندات الخزينة، وتقليص حالة الطوارئ التي اعتمدها لمواجهة الأزمة العالمية. والسؤال الذي يواجه سوق السندات هو ما إذا كانت العائدات طويلة الأجل تعكس إلى حد كبير بالفعل تأثير تقليص التحفيز؛ وبالتالي تمثل عند هذه المستويات الحالة الجديدة، التي يمكن أن توجِّه مشترين آخرين نحو السندات عندما يتراجع البنك الفيدرالي الأمريكي من السوق. بالنسبة للاستراتيجيين في السندات، ارتفاع عائدات السندات الأمريكية والتوقعات أن الين الياباني متجه إلى المزيد من التراجعات مقابل الدولار يعوض المخاوف من تقليص برنامج التيسير الكمي من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. ومع كل تراجعات مقبلة من الين الياباني من المتوقع أن يزيد عدد الذين سيخرجون من المستثمرين في السندات اليابانية، ويكون هناك في المقابل دخول في السندات الأمريكية، أو بمعنى آخر كلما يتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي خطوات إلى الوراء سيكون هناك في المقابل شراء لسندات الخزانة طويلة الأجل من قِبل المستثمرين في اليابان.