في كتابه (العتاب بين الأصدقاء) يقول الكاتب علي محمد أبو نصيه: لطالما أحاطت الندامة بصديقين، خاضا غمار الحياة يجدفان على قارب الحب بمجاديف الوفاء والإخاء، وفي لحظة غضب تثور عاصفة المشاحنة، وتهدر أمواج اللوم، ويعظم الخطب بالقارب الجميل؛ ليخرج عن المسار الصحيح، ويرتطم بصخرة الخصومة غارقاً في ظلمات القطيعة والجفاء.
إن المجازفة في الإنسان سمة فطرية، والاحتراس والتأني عارضان، والله تعالى يقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (72) سورة الأحزاب.
ويقول المؤلف:
لا يخلو الرجل وهو معرض للغفلة والضرورة والخطأ في الرأي أن يخلَّ بشيء من واجبات الصداقة، فإن كنت على ثقة من صفاء مودة صديقك أقمت له من نفسك عذراً، وسرت في معاملته على أحسن ما تقتضيه الصداقة.
فإن حام في قلبك شبهة أن يكون هذا الإخلال ناشئاً عن التهاون بحق الصداقة فهذا موضع العتاب، والعتاب يستدعي جواباً، فإن اشتمل الجواب على عذر أو اعتراف بالتقصير فاقبل العذر وقابل التقصير بصفاء خاطر وسماحة نفس.