على عكس تواصل مناقشة مشروع الدستور في المجلس التاسيسي بنسق جيد بالرغم من سيطرة التجاذبات والمشاحنات على جلساته بين نواب الترويكا الحاكمة ونواب المعارضة، يشهد الحوار الوطني كعادته تعثرا رهيبا زادته تعطيلا «أزمة التكفير» التي اندلعت في المجلس التاسيسي ورمت بظلالها على كامل الساحة السياسية. فلئن نجح نواب المجلس في تجاوز «السقطة الكلامية» التي أتى بها نائب حركة النهضة الحبيب اللوز بتكفيره النائب المعارض المنجي الرحوي واتهامه بعداء الإسلام، وواصلوا أعمالهم ليلا نهارا من أجل استكمال النظر في مشروع الدستور قبل يوم 13 يناير الجاري، لم يتمكن قياديو المعارضة من إغلاق هذا الملف الذي كانت نتيجته إهدار دم الرحوي من طرف بعض الأطراف المحسوبة على التيارات المتطرفة. في نفس السياق، صادق المجلس على أحد الفصول المثيرة للجدل في الدستور والمتعلقة بإقرار عقوبة الإعدام التي كانت دوما موجودة في المجلة الجنائية القديمة بما يعني أن من رفض دستورها اليوم من نواب التاسيسي هم على خطا، وقد تم تمرير الفصل بصعوبة بالغة وفي جو من التشنج والتلاسن. الزوبعة التي أثارها تصريح النائب الحبيب اللوز دفعت حركته إلى تحميله مسؤولية تصريحاته «التي تلزمه وحده ولا تتماشى ومبادئ النهضة» وفق بيان صادر عنها في هذا الشأن، إلا أن الرحوي الذي أكد بأنه مستهدف من طرف الجماعات المتطرفة وأن مخططا لاغتياله بصدد التحضير، مما استوجب تكثيف الحماية الأمنية له، شجع عددا كبيرا من النواب على التنصيص في الدستور الجديد على تجريم التكفير. إلا أن الجماعات المتشددة ترى أنه لا وجوب لتجريم التكفير دستوريا، باعتبار أن ذلك قد يفتح بابا لتأويلات لا أحد يحتاجها وربما تضر بالمصلحة الشعبية.