وسط هذا المشهد الدموي الرهيب من سوريا للعراق، وهذا التراجع التاريخي الشنيع للعرب!
ومع هذه الصور القادمة مما قبل التاريخ والإنسان المدني وحتى الاستقلال!
وبين هذا القتل الجماعي دون رحمة من أنظمة عربية (سوريا والعراق) تحديدا، وهذه الفوضى للجماعات المسلحة التي تبيع أحلام الجهاد والجنة كذبا وتزويرا!
وبعد هذا الفشل التاريخي المتأزم للعرب في منطقتهم، منطقة الشرق الأوسط..
انطلق عام جديد، ليس فيه مؤشرات تفاؤل حتى الآن، حيث الفوضى العارمة في سوريا التي أحدثها نظام الأسد بقتله ومواجهته الدموية للشعب العربي السوري وتشريده من موطنه، ثم هذه الفتن التي يحركها السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق من أجل استمرار حكمه للعراق عرفيا واضطراريا، في صورة ديكتاتور جديد ومتجاوز لصور الماضي القريب والحاضر القاتل.
وإلى لبنان الضحية التي ترزح تحت التهديد وانفجارات انتحارية أدخلها إقحام حزب نصر الله ومليشياته -الموجه إيرانيا- في الصراع السوري، فأدخلت بيروت إلى منعطف خطر لا ضوء في آخره.
وسط هذه التركيبة المدمرة من قتل الإنسان العربي للإنسان العربي بنعوق طائفية، وأخرى دينية لأهداف سياسية عاملها المشترك إيران أو ما يسمى «بالجمهورية الإسلامية الإيرانية» التي حاولت إيصال مخالبها للبحرين، لكنها تكسرت على الصمود الخليجي العربي، حيث كانت الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية تعني بالفعل ما تقول حين ترسم خطا أحمر، ثم ذاك النفاذ الفج والعلني للجنوب اليمني العربي لإحداث انقسام وحرب.. والهدف دائما صراع وقتال عربي مستمر..!
هنا العالم العربي -باستثناء دول الخليج العربي- يعيش حالة صعبة وحرجة، حالة فوضى تشبه تقريبا تلك المرحلة التي سبقت الثورة العربية الكبرى ضد الاحتلال والطغيان العثماني، إلا أن ذاك الاحتلال التركي كان حربا علنية يقودها الجيش والدولة العثمانية علانية، وقد ينضم إليه أعوان وأنصار ومستفيدون وموالون.
إلا أننا اليوم أمام حرب إيرانية على كل العرب تقريبا، واحتلال إيراني للجزر الإماراتية، ثم للأراضي العربية السورية والعراقية واللبنانية.
أما في تلك الدول التي لا يتوافر فيها قبول مباشر لحضور إيراني علني - تجد أيادي بالوكالة تتحرك لزعزعة الأمن والاستقرار، وكثيرا من الخلايا التخريبية التي قبض عليها عربيا وخليجيا لها امتداد لطهران!
الحقيقة الصارخة والساطعة، أن إيران هي سبب أول وثابت للمشاكل والقلاقل في المنطقة العربية، ولديها مخططها المرسوم لذلك، وقد حاولت بالفعل النفاذ لمصر عبر اتفاقيات سياحية واقتصادية أولا، إبان الحكم الإخواني البائد المتحالف مع طهران، إلا أن ثورة الشعب المصري ووقوف الجيش القوي إلى جانبه أوقف المخطط الإيراني - الإخواني.
ولنتذكر العلاقات الإيرانية مع حماس الإخوانية وكيف أوقعت شقا في الصف الفلسطيني العربي قيادة وشعبا..!
صحيح أن بعض المشاكل بدأت حين وجد المشروع الإيراني «استجابة» من بعض الشيعة العرب، الذين رأوا فيه خروجا من دوائرها الضيقة والخانقة أحيانا-، بعد أن فشل العرب في احتوائهم داخل سياقهم القومي أو الوطني، كما أخفقوا حين لم يدعموا المرجعيات الشيعية العربية ويكرسوا لها!
إلا أننا أمام أطماع إيرانية، وفكرة ظلت مركزية منذ قيام الثورة، هدفها المعلن تصدير «الثورة الإسلامية» الخمينية للعالم العربي والإسلامي كغطاء للسيطرة والاحتلال.
فالعالم العربي يعاني من أوجاع عدة، لكن لا شيء يتفوق على وجع الدم القادم من طهران أو بدعمها.. لكن بعض العرب يدركون.. بعضهم الآخر لا يهتمون.. والغالبية يتجاهلون.. فصوت العرب خائر جدا.. كما قواهم القومية!