تُعتَبر الشركات من الأماكن المعقّدة، وفيها أصحاب شأن مختلفون، يملكون جداول عمل مختلفة، وتحفّزهم قيم وتحفيزات غير متشابهة.
وفي بعض الأحيان، من شأن قائد قويّ أن يستخدم قوّة الإرادة لرص صفوف الفئات المتحاربة في الشركة، ولكن في سياق تجربتي، فهمت أنّه يمكن تحقيق نتائج أفضل، عبر اعتماد مقاربة أكثر ميلاً إلى التشاور، تحترم المكانة المشروعة لكل طرف من الأطراف.
منذ سنوات، فازت الشركة التي تملكها عائلتي بالامتياز اليوناني لشركة إنتاج حلويات أميركية. وكانت الشركة الأميركية المذكورة نشيطة جداً، ووفرت لنا دفقاً مستداماً من منتجات الحلويات المعدّة للتوزيع. وفي البداية، بدا المشروع برمته واعداً جداً، ولكن سرعان ما أدركنا أن موظفي المبيعات لدينا يترددون حيال بيعها. وقد اشتكوا قائلين إن المنتجات الوافدة تفوق قدرة العملاء على الاستيعاب.
وبالتالي، كان من الضروري أن نمدّ جسراً بين مصالح مورّدنا الأميركي ومصالح موظفي المبيعات وعملاء التجزئة في شركتنا.
وبدأت بتزويد فريق المبيعات بمعلومات عن مورّدنا. وبعد أن جمعت أفراد الفريق كلهم في قاعة واحدة، جعلتهم يشاهدون شريط فيديو يعطي وصفاً الشركة، ومبادئها الأساسية وسياساتها، ومزاياها التنافسية، وأحجام مبيعاتها، وكيفية نفاذها بنجاح إلى عدد من الأسواق غير الأميركية، ونظرتها إلى المستقبل. ومن أهم الدروس التي أمكن استنباطها من الفيديو أن منتجات الشركة لم تكن لذيذة وحسب، إذ كانت أيضاً من الحلويات الأكثر مراعاة للبيئة في السوق، بدءاً بعناصرها المكونة، ومروراً بغلافها. وأقنع شريط الفيديو عاملي المبيعات لدينا بأنّه عليهم أن يشعروا بالفخر لأنهم ينتمون إلى «عائلة دولية» تبيع الحلويات الألذ طعماً والأكثر مراعاةً للبيئة في العالم.
وبعد مشاهدة الفيديو، أفسحت المجال أمام النقاش. وتوضّح بسرعة أننا بحاجة إلى عرض محفّزات خاصة على عملائنا للتعويض لهم عن مخاطر اعتماد منتجات جديدة. وت وصّلنا إلى اتفاق عن ماهية الحوافز الممكنة، وحددنا الطرق التي قد نعتمدها لرصد مدى تطور المبيعات والإشراف عليها والتعلم عنها بالاستناد إلى التقدّم المحرز على صعيد مبيعاتنا للمنتجات الجديدة.
ولا شك في أنه كان من الضروري عقد أكثر من اجتماع للنجاح في رص الصفوف. وقد عقدنا اجتماعات مراجعة أسبوعية لمناقشة التقدم الذي تمّ تحقيقه، وتحليل المشاكل وإطلاق الحلول. ومع الوقت، والمثابرة، والاحترام المتبادل بين المدراء وفريق المبيعات، بدأت مبيعات المنتجات الجديدة تسجل نمواً كان بطيئاً في البدء، ولكنه سرعان ما بلغ مستويات أسعدت جميع الأطراف.
وأعتقد أن ما صنع الفرق هو أننا أقدمنا على جهود أكثر شفافية لحث جميع الأطراف على المشاركة في النقاش. ولم تتمثّل المسألة بإحداث تغيير قسريّ في السلوك يعتمد على العلاوات والإكراه، بل أكثر على أخذ تعليقات العاملين لدينا واقتراحاتهم محمل الجد.