التواصل: التباسات لا ضرورة لها
أواصل معكم الحوار وأسئلة الآخر حول ما يصله من تفاصيل تفاعلاتنا الداخلية بين احتياجات المواطن وأوضاع المجتمع وقرارات المسؤول:
سألني المحاور عن مدى اهتمام المعلمين في مدارس المملكة بالمهارات التي يكتسبها الطلاب في مختلف المراحل التعليمية، وأكدت بدءاً أنني لا أدّعي التواصل مع مدخلات يومية من واقع الميدان , ولا دراسات متخصصة محلياً صدرت حديثاً بهذا الشأن، لكني أرى بأنّ التركيز مازال مستمراً على التلقين، أي نقل المعلومة من المعلم إلى الطالب، وأتمنى - كتربوية مهتمة بالتخطيط للتنمية على المدى الطويل - النجاح في الانتقال إلى التعليم القائم على المهارات، حيث بدلاً من استرجاع المعلومة، يصبح الأمر متعلقاً بمهارات التفكير والتحليل، وأن يؤدي التطوير المستمر للمناهج إلى التركيز على بناء المهارات. وأرى في هذا المجال أنّ تطبيق اختبارات (قياس) للخريجين الراغبين في الالتحاق بالتدريس ممارسة تستحق الإشادة ، فهي خطوة مهمة جداً في إطار توفير المعلم الكفء،. كما ما زلت أرى وأنصح وأشدد، كمختصة بالتربية ونتائجها، على أهمية التأهيل التربوي المستمر للمعلمين، فلا يكفي أن يكون المتقدم للتدريس حاصلاً على تخصص الرياضيات أو اللغة العربية أو العلوم الطبيعية، بل لابد أن يتمتع بالمهارات التربوية المطلوبة، ومن أهمها كيفية التعامل مع البناء الذهني للطفل في مراحل عمرية مختلفة، وكيفية إيصال المادة العلمية، أي أنّ المطلوب هو وجود دبلوم تربوي إلى جانب الشهادة التخصصية.
وسألني - في دوري كعضو في مجلس الشورى- عن تصاعد شكوى المعلمين من الرواتب، وما إذا كان ذلك ربما يكون سبباً في عزوف البعض عن تقديم أقصى ما عنده من جهد؟ وكان رأيي إن ما يجرى نتيجة طبيعية للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية , وأنّ الشكوى من ضعف الرواتب لا تقتصر على المعلمين، لأنّ تكلفة الحياة في ارتفاع مستمر، وتغطية الاحتياجات الأساسية أصبحت تفوق طاقة الناس، وهذه الشكوى تنطبق حتى على المتقاعدين، الذين يطالبون أيضاً بزيادة معاشاتهم، وقد جرى بالفعل قبل فترة إقرار زيادة بنسبة 15 في المائة على مراحل، حتى يتماشى الدخل مع تكاليف الحياة.»
قال إنّ هذا الرأي يبدو متناقضاً مع ما نشرته وسائل الإعلام من رفض مجلس الشورى لزيادة الحد الأدنى للرواتب، فأوضحت أنّ الأمر فيه سوء تفاهم، لأنّ أعضاء مجلس الشورى كان عليهم أن يصوتوا على التوصية بأن يكون الحد الأدنى لراتب المواطن هو 3000 ريال، وذلك ليس لعدم اقتناعهم بضرورة رفع الحد الأدنى للراتب، بل لأنّ هذه التوصية بدأت دراستها قبل سنوات، وكان هذا المبلغ مقبولاً آنذاك، لكن الأعضاء يرون الآن أنّ الحد الأدنى لابد أن يكون أكثر من ذلك، مشيرة للتوضيح إلى أنّ الرأي السائد كان رفع المبلغ إلى 4000 ريال.
** ملاحظة على الهامش: هذا يقودني للإشارة إلى إشكالية متعبة: الإستراتيجية الإعلامية للمجلس حتى الآن تعتمد توكيل وسائل الإعلام لتتولى أمر متابعة وإيصال ما يجري في جلسات المجلس إلى جمهور المواطنين من منطلق أنّ الإعلام شريك استراتيجي .. ولكن متابعتي لتفاعلات الجمهور أقنعتني أن الصيغة التي يتم بها إيصال الأحداث تسبب التباسات في فهم قرارات وإجراءات المجلس وننتهي بكيل من الاتهامات التي توجه للأعضاء، وهم فعلاً لا يستحقون السخط من المواطنين المستثارين. نحتاج فعلاً إلى تطوير الإستراتيجية الإعلامية لتفادي مثل هذه الالتباسات المزعجة .. وهذا ما يعمل عليه الآن المختصون في المجلس.