في البدء نسأل الله للأمير خالد الفيصل التوفيق والسداد، وأن يعينه على إدارة دفة وزارة التربية التي تعد الأهم من بين الوزارات في كل المجتمعات البشرية، فهذه الوزارة هي من يصنع العقول ويشكل الهوية المجتمعية، ومن يمد الوطن بالكفاءات المؤهلة لتنميته وتطويره.
الآمال معقودة، والطموحات عالية، والنجاحات متوقعة، فقامة خالد الفيصل الشامخة بما تمتلكه من سمات شخصية وخبرات مكتسبة، حتماً سوف تؤهله لتحقيق انجازات مشهودة في وزارة التربية والتعليم التي أخذت صورتها تضطرب عند منسوبي الوزارة نفسها، والمتابعين لحركتها من الخارج، بعد فترة من الحيوية والتجدد خلال تسنم محمد الرشيد رحمه الله قيادتها.
إن مشكلات التعليم أوضح من الشمس في رابعة النهار، ولن تحتاج إلى المزيد من البحوث والدراسات، كل ما تحتاجه قرارات تصحيحية حازمة، ويأتي في مقدمة القرارات:
* إعادة النظر في شركة تطوير التعليم، فقد ترتب على المزايا المالية التي يحظى بها العاملون في شركة تطوير مقارنة بزملائهم في جهاز الوزارة، الكثير من أوجه الصراع والغيرة، فالمؤهلات واحدة والخبرة كذلك، ومع ذلك لا وجه للمقارنة بين ما يتقاضاه من يعمل في جهاز الوزارة مع ما يتقاضاه العامل في شركة تطوير، كانت المظنة أن يؤتى بخبراء وخبرات من خارج جهاز الوزارة كي يحققوا الغاية المنشودة (تطوير التعليم).
* أن تعتمد صيغة لمدرسة نموذجية (المدرسة المتعلمة) أو (المدرسة وحدة للتطوير) تصاغ رؤيتها ورسالتها وأهدافها وعمليات التعلم فيها، وبيئتها التعليمية، ومن ثم يسار في توطينها في الميدان التربوي وفق مراحل مزمنة تضمن استيعاب الصيغة وصواب تطبيقها، بحيث تحقق مخرجات منافسة، وبما يليق برسالة المملكة وقدراتها المادية والبشرية.
* أن يمنح كل معلم رخصة لمزاولة مهنة التعليم، تجدد كل ثلاث سنوات، ويقرن تجديدها بوجوب الحصول على أربع دورات تدريبية (تربوية وعلمية)، وشهادة صحية بسلامة صحة المعلم ومدى قدرته على التدريس.
* يبقى التقويم المستمر للصفين الأول والثاني من المرحلة الابتدائية فقط، وما عداه يلغى وأخص تقويم اللغة العربية التي وهنت في نفوس الطلاب وأهملت بسبب التقويم المستمر.
* المواءمة بين السياسات الإدارية، وإجراءات العمل، وما يترتب عليها من ضوابط وشروط وممارسات، بين العاملات في جهاز تعليم البنات، والعاملين في جهاز تعليم البنين، فعلى الرغم من مضي قرابة خمسة عشر عاما على دمج الجهازين، إلا أن كلا منهما يعمل في واد، ومازال كل منهما يعمل وفق موروثه السابق.
* أن يعاد النظر في فتح الفصول والمدارس في إدارات التربية والتعليم التي يقل عدد الطلاب فيها عن المعدل النظامي، فمثلا تعد إدارة التربية والتعليم في محافظة حفر الباطن من الإدارات المتوسطة من حيث كثافة الطلاب في عموم المحافظة، ومع ذلك تعد من الإدارات الأعلى من حيث كثافة الطلاب في الفصول، فالمعلم يدرس حوالي عشرين طالباً، بينما هناك إدارات تعليمية مماثلة لحفر الباطن من حيث كثافة الطلاب، ومع ذلك لا يدرس المعلم فيها إلا حوالي عشرة طلاب، ومع هذا تزود هذه الإدارات كل عام بفصول وربما يفتح فيها مدارس، وهذا مما جعل ميزانية وزارة التربية والتعليم في تزايد أجزم أنه سوف يتعذر الوفاء به إن استمر هذا الهدر الكبير في فتح الفصول والمدارس بسبب تغييب الاحتكام إلى المعايير الدولية والضوابط والشروط المعتبرة لفتح الفصول والمدارس.
* وحيث إن الكتاب المدرسي توفر بصورة إلكترونية تفاعلية، ومن أجل التخفيف على الطلاب من حمل الحقيبة المدرسية, والتقليل من العبء المالي والإداري على الوزارة، لعله يسار في تأمين الأجهزة الحاسوبية الذكية التي تعد الاستعانة بها ضرورة تعليمية وعصرية، ولا خيار للوزارة إلا أن تبادر إلى التعامل معها وبأسرع ما يمكن.