من نكد الدنيا على المرء أن يُبتلى برفقة صديق، أو قريب ملازم, أو رئيس مهيمن، وتكون في طبائعه «الحساسية المفرطة»...
ذلك لأنه لن يجد وقتا للتفكير حين الحاجة, ولن يكون لديه الهدوء للتخطيط حين المواقف, وسيجد نفسه غارقا في همِّ كيفية، أو قدرة احتمال سلوك هذا الرفيق, أو القريب, أو الرئيس..!!
سيكون في موقع المدافع، أو الساكت عن, أو الكاظم غيظه من, أو المصر على،..
فمفرطو الحساسية يُكثرون من التأويل, ويزيدون على الأمور, وينقبون عن تفاصيل غير واردة, ويتوهمون حقائق ليست إلا زيفا.., وقد يكذبون ويصدقون أنفسهم بسعة ظنهم..
بمعنى «يضخمون»، و»يبالغون»، بل يخرجون عن المجرى لما يحدث أو يُقال.., وفي تفسير ما يرون, وما ييروون,.. فتكون نتائج تفكيرهم مخيبة...
مثل هؤلاء يقلقون المرء, فكيف إن كانوا جماعة, بل كيف إن أُبتلي مجتمع بكلِّه بفرط الحساسية..؟!
إن المتابع لأي خبر عن أي مستجد في حياة الناس, سوف يصل إلى ظهور ما يمكن أن يسم مجتمعنا, بل كثير من المجتمعات العربية «بفرط الحساسية»..,
فيما أن هناك لكل حادث حديث, ولكل «مقام مقال».., ولكل قضية أسبابها، ونتائجها.. ففيها ما يُرد لفعل الإنسان, وفيها ما يعاد لقضاء الله تعالى, فما كان منها من فعل الإنسان، وبالروية، والوعي تكون معالجته, وبالحزم، والأمانة تأتي محاسبته, وما كان منها من قضاء الله يُحتسبُ فيه الأجر بسلامة الطوية، وحسن التصبر.. وموضوعية العقل.. بينما يعطِّل هؤلاء المفرطون في حساسيتهم عمل العقل, وموضوعية المنطق عند اقتحامهم الفوضوي.., وتأثيرهم السالب..
«فالتهويل»، و»التضخيم», و»الفزعة «، و»المبالغة» من صفات «مفرطي الحساسية».., ونتائج سلوكهم يقض مضاجع التفكير السليم عند الآخرين.., ويربك أمر الوصول إلى نتائج فاعلة, ومجدية في المواقف, وعند الحاجة,.. ولا يرد الأحداث إلى حقائقها..
وإن نتائج سلوك «مفرطي الحساسية» يجعل الحقائق أمام هؤلاء الآخرين في مرجل تضرب فيه التفاصيل.. والأسباب, ويطمس على مكمن الإحساس الصافي لديهم تجاه ما يتلقون، وما يتفاعلون معه...