الجزيرة - ناصر السهلي:
أصبح التميز هو اللغة التي يتحدث بها المجتمع في العديد من المجالات التنموية، وتأتي جائزة وزارة التربية والتعليم للتميز إحدى أبرز النماذج التي تعنى بتكريم المتميزين والمتميزات من منسوبي ومنسوبات التربية والتعليم وتحفيزهم للإبداع والتميز، حيث خصصت وزارة التربية والتعليم جائزة باسم التميز، تتنافس عليها النخبة التربوية من أبناء وبنات الوطن بمشاريعهم المميزة التي تستحق إبرازها كونها تعكس جودة المخرج التعليمي، ومحفزاً للإبداع والعطاء.
حول الجائزة ودورها في تعزيز ثقافة التميز للمعلمة السعودية وبقية الفئات المشاركة، ودفعها لسبل التنافس فيما بينهن، أكدت وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم بشؤون البنات الدكتورة هيا العواد، أن الجائزة تعبِّر عن مدى تقدير الوزارة للمتميزين والمتميزات، مما له الأثر الواضح في أداء المعلمين والمعلمات، حيث أحدثت الجائزة، رغم عمرها القصير، التنافس الشريف بين المعلمين والمعلمات وبقية الكوادر البشرية التي تشملها الجائزة، مضيفة أن تقدير الأداء الإبداعي والمتميز للمعلمين والمعلمات، يدفعهم نحو التميز الدائم ليصبحوا نماذج مجتمعية يحتذى بها في عصر المعرفة والتميز، ولذا فإن للجائزة دوراً فاعلاً ومهماً في تحقيق قيمة التنافس من أجل التميز، وهي إحدى القيم الإنسانية العليا التي تسعى الجائزة لتحقيقها، إلا أن هناك قيماً أخرى توازي في الأهمية قيمة التنافس من أجل التميز، ومنها «المواطنة والانتماء – المسؤولية المهنية – احترام التنوع الثقافي – تكافؤ الفرص».
وفيما يتعلق بمستقبل الجائزة قالت العواد : «لقد توسعت الجائزة لتشمل فئات أخرى بالإضافة للمعلم منها « الإدارة المدرسية – المرشد الطلابي – المشرف التربوي» وتتجه الجائزة لشمول فئات أخرى في السنوات المقبلة، فهي تهدف إلى تشجيع الممارسات التربوية المتميزة في كافة مؤسسات وزارة التربية والتعليم على مستوى الميدان وإبرازها»، مشيرة إلى أن وزارة التربية والتعليم من خلال هذه الجائزة تتجه لإيجاد الآليات المناسبة لتطوير تلك الممارسات في الميدان التربوي وتعزيزها، والارتقاء بمستوى أداء الكوادر البشرية، وإلى الوصول إلى الريادة العالمية لجوائز التميز التربوي في عصر المعرفة.
فيما أكدت مديرة عام الإشراف التربوي الدكتورة هيا السمهري على أن جائزة التميز تعتبر شرياناً تحفيزياً ودافعاً للمزيد من العطاء والتفاني والبذل من قبل المعلمين، وأذكت روح التنافس لتحقيق التمايز في الأداء بين شرائح المعلمين وكانت وكاءً ينضح بكل إطلالات التحفيز ومشارب التشجيع .. مبينة أن الجائزة تتجه إلى مبدأ التنافس وإبراز جهود الوزارة في تأهيل المعلمين، ودعم الأكفاء منهم ليكونوا قدوة ونموذجاً يحتذى لزملائهم، كما أنها تتجه لتحقيق تكامل التميز بين الأفراد المتميزين في الميدان التربوي، كما يتجه مستقبل الجائزة إلى إحاطة أفراد المجتمع التربوي جميعهم بالتقدير والتشجيع، فيكون الجميع نماذج مضيئة تحتذى، وإشراقات تنير التربية بمصابيح البذل والإخلاص والعطاء.
وكان للفئات المشاركة من بنات هذا الوطن في منافسات الجائزة دور في استطلاع الرأي الذي قمنا به حول تعزيز ثقافة التميز، إذ أشارت ابتسام بعيجان ذعار المطيري مديرة المدرسة الابتدائية للبنات بالمطيوي الشمالي والمشاركة في الجائزة عن فئة (مديرة المدرسة)، إلى أن تسليط الأضواء على الأعمال المتميزة، وتقدير المجهودات، ومنحنا فرصة ثمينة لنثبت أننا بالفعل أحدثنا فرقًا، تعتبر من الجهود التي تشكر عليها وزارة التربية والتعليم، ولفتة كريمة لها آثار عظيمة في دواخلنا؛ لأننا شعرنا بتقدير أعمالنا وضرورة توثيقها لتستمر للأجيال الصاعدة ويكون البناء على قاعدة راسخة فلا تهدر الأفكار، ولا تغفل التطورات ونحقق إنجازات متجددة، ومتطورة ومتأصلة لهذا الوطن، فكل عبارة شكر وتقدير وثناء حصلت عليها كان لها صدى عظيم في داخلي ودفعتني للعطاء وزيادة النماء والارتقاء .
وأضافت المعلمة منيرة محمد علي الوزير من الثانوية الحادية والعشرين بالرياض، وهي إحدى المشاركات في الجائزة عن فئة (المعلمة)، أن جائزة التميز أكسبتنا الإصرار والتصميم لتحقيق أعلى مستوى في إنتاجية العمل، وأذكت روح التحفيز لدينا للوصول بأعمالنا إلى إسعاد المستفيدين سواء كان ذلك في داخل المدرسة أو خارجها، لاسيما وأننا نعمل في مناخ تسوده روح التعاون والإيثار وإنكار الذات، ولا عجب في ذلك لأن الحب اقترن بالمهارة، فانعكس ذلك على مخرجات المدرسة للارتقاء إلى التميز المنشود.
مركز وطني ومعرض للجائزة
ويتطلع العديد من أبناء المجتمع السعودي بعد النجاحات التي حققتها (جائزة التربية والتعليم للتميز) أن يتم تدعيم الجائزة بإيجاد مركز وطني باسم الجائزة يحتضن المتميزين والمتميزات ويدعم أفكارهم، ومعرض دائم للمشاركات المتميزة من المعلمين والمعلمات، حيث طالبت فئات اجتماعية مختلفة بأهمية قيام وإنشاء مثل هذا المركز، ليكون لبنة أساسية يحتذى به في بقية المجالات التنموية التي تعود على الوطن بالنفع والفائدة، وتحقق التنوع في مجالات الإبداع والتميز، حيث طالب عبد الله اليوسف الأستاذ بقسم العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود بأهمية وجود مركز وطني للتميز لما يقدمه من خدمة اجتماعية لأبناء وبنات الوطن، منوهاً إلى أن فكرة إقامة مركز وطني باسم التميز فكرة رائعة من الممكن أن يكون لها دور كبير في اكتشاف المواهب وتنميتها، مما سينعكس على الإبداع والتميز ويحفز عليه، كما أن احتضان الأعمال المتميزة وتشجيعها يساعد في نموها وبلورتها وخلق بيئة إبداعية، مضيفاً أن تدعيم الجائزة بمركز وطني سوف يساعد على تكريس العمل المؤسسي وديمومة الجائزة .
وأضاف البروفيسور اليوسف أن المعرض الدائم سيذكي روح المنافسة بين المبدعين ويساعد في استمرارية الإبداع كما سيسهم في نشر ثقافة الإبداع والتميز .
من جانبها قالت منسقة جائزة التربية والتعليم للتميز عواطف الناصر أن الفكرة واردة وليست بعيدة في تحقيقها، فمنذ انطلاقة الجائزة وهي في عامها الخامس الآن حققت كثير من النجاحات في تحقيق رسالتها وتكريم المبدعين في المجال التربوي، سعياً للإسهام في نشر ثقافة التميز في الميدان التربوي.
وأكدت الناصر أن المسؤولين عن الجائزة بصدد إقامة معرض دائم للمشاركات، بالإضافة إلى إعداد فريق كامل يعمل على اكتشاف المميزين، ويساعدهم على توثيق تميزهم وفق منهجية علمية سليمة للتوثيق الصحيح .
وطالبت مشرفة أمانة اليونسكو في اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم البندري عبد الله الأشقر، بدعم فكرة إنشاء مركز وطني للتميز، معتبرة ذلك ظاهرة صحية، وبادرة رائعة لاستقطاب ورعاية وتنمية المهارات وفتح فرص الإبداع للمعلمين والمعلمات، إدراكاً لدورهم المهم في النهوض بالمجتمع، فالتعليم المتميز ناتج من معلمين متميزين.
وتمنت الأشقر أن لا ينعزل هذا المركز عن تطبيقات الجودة، ليساهم أيضا في رفع مستوى التعليم ليواكب أفضل المعايير العالمية والذي بدوره يشجع على دعم دور المتميزين كمواطنين في تنمية مجتمعاتهم، وأن يوفر لهم المركز البحوث والتوصيات، وأن يكون للمركز دور في تتبع المعلمين المتميزين عالي الأداء. وأن تشجع الدراسات المتميزة في إدارة السلوك الذي له الدور الكبير في نتائج تعلم الطلبة.
وقالت الأشقر : «عندما يرى المتميزون والمتميزات أعمالهم في معرض دائم لهم، سيكون ذلك بمثابة المحفز لبذل المزيد من الإبداع والتألق، معتبرين ذلك محطة لتناقل الخبرات، مضيفة أنه من الأجدر أيضا توفر المنح والتدريب المناسب لقدراتهم المتميزة، وإيجاد مناصب متميزة لهم وأن يكونوا شركاء في صنع القرارات».
الأستاذة أماني المنصور خبيرة تربوية وفنانة تشكيلية، قالت إن من أبسط حقوق المتميز أياً كان مجاله، وأياً كان جنسه أن يجد له مقراً يحتويه ويحتضن إبداعاته، والأدوار التربوية التي يؤديها المعلمون والمعلمات كفيلة بإنشاء مركز وطني خاص بالنخبة المميزة منهم، وذلك باعتبارهم اللبنة الأساسية التي تسهم بشكل مباشر في بناء أجيال المستقبل، مشيرة إلى مساعي وزارة التربية والتعليم وبادرتها الرائعة بإطلاق جائزة التميز لمبدعيها، مؤكدة أن عقد هذه البادرة سيكتمل بإنشاء مركز يحتويهم، ومعرض دائم يجدون من خلاله متنفساً لتألقهم وإبداعاتهم. وشجعت المعلمة نور زحوم باجابر الحائزة على جائزة المسار الثالث في ( لقاء الإبداع ) على مستوى الرياض عام 1430- 1431هـ، وجائزة لقاء الإبداع بنفس المسار على مستوى مكتب التربية والتعليم بالحرس الوطني من 1429 إلى 1432هـ فكرة إقامة معرض وطني للمتميزين والمتميزات، مبينة حاجتهم إلى وجود محفز لكي تستمر مسيرة الإبداع والتميز... «قد يكون بداخلنا قدرة على التميز والابتكار ولكن نحتاج إلى دعم لأفكارنا لكي تبرز بشكل واضح»، وقالت باجابر إن وجود معرض دائم مهم ويجب أن توضع بعين الاعتبار لكي يأخذ المتميزون ما يستحقونه، ولكي يكون حافزاً لغيرهم للسعي نحو التميز .
من جانبها قالت مديرة الروضة ( 114) بالرياض موضي البريك، إن مجرّد التفكير في إقامة مركز وطني لهذه الجائزة جدير بالدعم والتمحيص، بحيث يكون الحضن الأمين الذي يحتوي تلك الإبداعات والأفكار والأعمال الهادفة، والتي يكون نتاجها مخرجات تعليمية هي البنية التحتية لمجتمع إسلامي متطور.