أكد الناطق باسم جيش جنوب السودان فيليب اغير صباح أمس الثلاثاء لوكالة فرانس برس أن مواجهات جديدة تدور بين الجيش والمتمردين في مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي (شرق). وقال اغير «هناك معارك هذا الصباح في مدينة بور ننتظر المزيد من التفاصيل». وكان متمردون موالون لنائب الرئيس السابق رياك مشار استولوا على بور الواقعة على بعد نحو 200 كلم إلى شمال جوبا عاصمة جنوب السودان في 19 كانون الاول/ديسمبر، بعد أربعة أيام من بدء مواجهات دامية في هذه الدولة الفتية بين الجيش والمتمردين. وفي 24 كانون الأول/ديسمبر استعاد الجيش السيطرة على المدينة لكنه حذر مجددا منذ السبت من تقدم شباب من عناصر ميليشيا «الجيش الأبيض» المعروفة بوحشيتها. ومجرد ذكر اسم «الجيش الأبيض» الذي يطلق على هذه المجموعات المسلحة، يعيد إلى الأذهان سنوات الرعب والمجازر التي وقعت في جنوب السودان. وتخوفا من تجدد المعارك هرب آلاف السكان من بور في الأيام الأخيرة. ومن الصعب في الوقت الحاضر معرفة من الذين يواجهه الجيش صباح أمس الثلاثاء في بور: أهم عناصر ميليشيا «الجيش الأبيض» الموالون لمشار أم المتمردون الذين سبق أن استولوا على المدينة في 19 كانون الأول/ديسمبر. وفي السياق استبعد رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت فرص التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع نائبه السابق وزعيم المتمردين رياك مشار لوضع نهاية للعنف الذي تشهده البلاد.
وقال سلفاكير في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي.) إنه «لا يجب مكافأة مشار على تمرده» ، وأكد سلفاكير أن مشار ليس لديه الحق لتقاسم السلطة في جنوب السودان ، مشددا على أن «خيار تقاسم السلطة ليس خيارا مطروحا». وأضاف سلفاكير أن «هؤلاء رجال تمردوا. إذا أردت السلطة لا يجب عليك أن تتمرد لكي تحصل عليها. يجب أن تتبع الطريقة السليمة» ، مؤكدا أنه لم يأت إلى السلطة «عن طريق الانقلاب العسكري ولكن عن طريق الانتخابات». ورفض كير الإفراج عن بعض السياسيين من حلفاء مشار الذين تم اعتقالهم.
من جهته هدد مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي بفرض «عقوبات محددة الهدف» على جميع من «يحرضون على العنف» في جنوب السودان، وذلك في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه صباح أمس الثلاثاء. وأوضح البيان أن مجلس السلم والأمن «يعبر عن نيته في اتخاذ التدابير اللازمة بما في ذلك (فرض) عقوبات محددة الهدف على جميع من يحرض على العنف». وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أكدت أول أمس الاثنين أن الولايات المتحدة تكثف الجهود لبدء مفاوضات بين رئيس جنوب السودان سلفا كير وخصمه نائب الرئيس السابق رياك مشار لكنها تواجه وضعا «في غاية التعقيد والخطورة». ويتحدث وزير الخارجية جون كيري بشكل شبه يومي مع كير ومشار اللذين تتواجه قواتهما منذ أسبوعين سعيا لتهدئة التوترات بين الجانبين المتنازعين. وكان المبعوث الأميركي دونالد بوث من جهته الاثنين في جوبا بعد أن امضى عيد الميلاد في المنطقة، في محاولة لـ«وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل (لإجراء) حوار سياسي، على أمل إطلاق مفاوضات في وقت قريب»، كما صرحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف مضيفة «لكن الوضع في غاية التعقيد والخطورة». ويشهد جنوب السودان منذ 15 كانون الاول/ديسمبر معارك كثيفة تغذيها الخصومة بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار الذي أقاله في تموز/يوليو. ويتهم الأول الثاني بمحاولة القيام بانقلاب عسكري، لكن رياك مشار ينفي ذلك ويأخذ على كير سعيه إلى تصفية خصومه. ويأتي تجدد المعارك في هذه المدينة الاستراتيجية في وقت ناشد قادة دول السلطة الحكومية للتنمية (ايغاد) المنظمة التي تضم بلدان القرن الأفريقي وشرق أفريقيا الجمعة كير ومشار التحاور ووقف القتال قبل 31 كانون الاول/ديسمبر. لكن يبدو أن جهود السلام وصلت إلى طريق مسدود ومع تجدد المعارك في بور يبدو احترام المهلة أمرا بعيد الاحتمال.