تعددت الظواهر الفنية التي مرت بالمشهد التشكيلي العالمي فمنها ما بقى راسخا بالذاكرة كونها مؤثرة بالثقافة بصفة عامة وأخرى لم يكن لها دور فاعل إلا لحظي فقط بمعنى أن تأثيرها لا يتجاوز وقتها ولم يكن لها تأثير على الثقافة كجانب مفصلي وتقييمي فهي شبيهة بفقاعة الصابون ولو عرفنا الظواهر بإيجاز هي كثيراً ما تشير إلى حدث غير عادي أو عمل فني إبداعي يكون قد
حرك الساكن من الشعور لدى المتلقي فيتفاعل معها بكل حواسه وخاصة عند ملامستها دهاليز ذاته الأخرى أي عوامل نفسية من السوسيولوجيا والبارا سيكولوجيا وعلم اللاهوت لكون كل تلك التفاعلات النفسية هي خلفيات لا مرئية في الأعمال الفنية وبذلك ترتقي لمستوى الظاهرة بمداولتها بين المتلقي والمهتم والفنانين ولو حصرناها باتجاهين منها قدرة الفنان المبهرة أن يكون هو بذاته ظاهرة والمقام يجبرنا أن نستشهد بالفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي وما كان لأعماله من خبط ولبط ومد وجز إلى يومنا الحاضر فهو ظاهرة بذاتها لا تنسى وعلى المستوى العربي المرحوم الفنان السعودي محمد السليم والفنان الكويتي سامي محمد والفنان السوداني راشد دياب فنجدهم ظاهرة لا يختلف علية اثنان أو أن تكون الظاهرة مرحلة أو مدرسة فنية أو حقبة لفترة زمنية يتبناها العديد من الفنانين بمنجزاتهم التشكيلية بحيث يرتقون بها من حيث لا يعلمون فتظهر لنا نحن أسلافهم أنهم في تلك الحقبة تجانسوا حتى أصبحوا ظاهرة ونستشهد بالمدرسة السريالية بعد انبثاقها من الدادية وظهرت على السطح فكانت توجه لجملة من الفنانين أما عن ظاهرة المرحلة فحقبة الخمسينات والستينيات بالقرن الماضي في المشهد التشكيلي العراقي نجده مغايرة عن نظرائها العرب في نفس الفترة فقد أفرز عدد لا يستهان به من الفنانين أسياد تلك الحقبة فمنهم مجازا لا حصرا المرحوم جواد سليم و إسماعيل الشيخلي و فائق حسن و نوري الراوي و محمود صبري كانت فترة خصبة لتفرز هؤلاء الفنانين على المستوى الفكري والفلسفي والفني حيث عصفت المتغيرات بتلك الحقبة الانقلابات السياسية وبروز الأحزاب اليسارية مما أثر بمبادئ الفنان وتحرره الذهني من كل قيد فنجدها جلية في منجزاتهم التشكيلية ومن حيث لا يعلمون أصبحوا ظاهرة لتلك الحقبة يشار لها بالبنان في وقتنا الحاضر.
أما المشهد التشكيلي السعودي فلو استثنينا المرحوم محمد السليم لوجدنا أن أغلب الفنانين عند ذواتهم ظاهرة فريدة من نوعها وهو كما أسلفت فقاعة صابون يعجبك منظرها وهي خاوية من الداخل وقد تتلاشى مع هبوب الرياح القادمة من المستقبل ويؤسفني أن أرى العديد من الفنانين الشباب أو الشابات يتباهون بتجاربهم التي أصبحت ظاهرة في اعتقادهم وقد لا يتجاوز عمرهم الفني الخمسة أعوام وهذا هو السقوط المبكر أتمنى أن أكون على خطأ بتنظيري هذا ولكنني أشك في ذلك.